قدماها ترتجفان من هول صدمة إصابة زوجها عامل فني تكيف بمحطة مصر، بجروح وحروق، تتكأ على الحائط المجاور لغرفة العناية المركزة بمستشفى معهد ناصر، الحاضنة بين جدرانها لشريك عمرها، متمتمة بالدعاء له بالشفاء العاجل.

"هو اللي ليا بعد ربنا.. أنا والعيال ملناش غيره".. كلمات عبرت خلاها سحر صبحي، زوجة العامل عاطف زكي عن قلقها من تدهور حالته الصحية، راوية لـ"الوطن"، أنها عملت بالحادث عقب ما يزيد عن ساعة من حدوثه، عن طريق اتصال هاتفي من أشقائه، لتهرول مسرعة بعباءتها السوداء من منزلها بمنطقة عرب الرمل بمركز أوسينة حتى معهد ناصر بمنطقة الخلفاوي بصحبة نجلها الأكبر صاحب الـ23 عاما، تاركة ابنتيها ذوات الـ21 والـ18 ربيعا بالبيت.

"مخلص وأمين ومتفاني في عمل".. خصال ثلاث نعتت بها "سحر" زوجها الخمسيني، المعروف بحبه لمهنته، حيث كان يذهب لمحطة مصر منذ الساعة 6 صباحا، ليعود إلى منزله ظهر اليوم التالي، وبعدها يأكل ويستريح، ثم يبدأ بالسماع لمتطلبات أسرته ومشاكلها، كما يتندر مع أبنائه، ويتبادلان المناقشة حول أحوال البلاد، "هو راجل حنية الدنيا كلها فيه"، مؤكدة أنه طوال عمله لأكثر من 30 عاما، لم يتعرض لأى حادث داخل المحطة.

يحاول أصدقاء "عاطف"، طمأنة زوجته على حالته الصحية، التي لا تتجاوز الجروح، وحروق غير عميقة بيديه، فاشلين في تخفيف قلقها، لترد عليهم: "ده مريض ضغط، مش هطمن غير لما يخرج بالسلامة"، حتى هدأ خوفها عليه عند علمها بزيارة وزير الصحة للمصابين، وتأكيد الأطباء لها بأن حالته غير حرجة.

ونشب حريق هائل داخل محطة مصر، إثر اصطدام أحد جرارات القطارات بالصدادة الحديدية الموجودة على رصيف 6 بعد خروجه عن القضبان، ما أدى إلى انفجار "تنك البنزين"، وأسفر عن اشتعال النيران في الجرار والعربة الأولى والثانية بالقطار.

ووجه الرئيس عبدالفتاح السيسي بمحاسبة المتسببين بحادث محطة مصر ورعاية المصابين، متوجهًا بخالص التعازي لأسر الضحايا والمصابين، فيما خصصت وزارة التضامن الاجتماعي 80 ألف جنيه لأسر الضحايا وحالات العجز الكلي، و25 ألف جنيه للمصابين، مكلفة مديرية القاهرة ولجان الإغاثة المركزية بالوزارة؛ بالانتهاء من إجراء الأبحاث الاجتماعية للمصابين وأسر ضحايا الحادث.

وأعلنت وزارة الصحة، عن وفاة 20 مواطنًا وإصابة 40 آخرين في حريق محطة مصر، ونُقل المصابون إلى مستشفيي دار الشفاء، ومعهد ناصر كونهما "مستشفيات إخلاء"، إضافة إلى مستشفيات "الهلال، وشبرا، السكة الحديد" كمستشفيات إخلاء، موضحة أنَّ حالات المصابين تراوحت ما بين بسيطة إلى متوسطة، إضافة إلى بعض الحالات الدقيقة أغلبها كسور وحروق.

وانتظمت حركة القطارات بمحطة مصر ما عدا رصيف رقم 6، بعدما نجحت قوات الحماية المدينة في إخماد الحريق، وتوجه فريق التدخل خلال الطوارئ بالهلال الأحمر المصري إلى موقع الحادث، لتقديم الإسعافات والدعم النفسي للمصابين وأسر الضحايا.