رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

أخبار من الوطن نيوز

"عزيزة مش نشالة".. مسنة كفيفة تبحث عن المساعدة بشوارع الإسكندرية

كتب: نرمين عصام الدين -

05:17 م | الأحد 24 فبراير 2019

الحاجة عزيزة

بالرغم من هيئتها المتواضعة وعمرها المتجاوز الـ60 عاماً، ينظر لها البعض للوهلة الأولى كـ"النشّالة"، وكأنها تخفي في دخيلة نفسها نعمة النظر، تطلب "عزيزة" بصوت هادئ من أحد المارة بالشارع أن يمسك بيدها كي تستقل أحد وسائل المواصلات العامة، ما يجعل من يراها أن يشك بها ويعتبرها ممثلة، ويظن أنها ليست بكفيفة خصوصًا نظرة أعينها الثاقبة؛ فكيف تتعامل بمفردها أثناء سيرها في شوارع الإسكندرية.

عزيزة فراج  كفيفة، تستقل الترام بمفردها لتصل إلى مستشفي الشاطبي بعد رحلة طويلة قادمة من منطقة البيطاش غرب الإسكندرية، حيث تقطع تلك المسافة متخذة وسيلتي الميكروباص والترام؛ لغرضين الأول حيث التردد إلى مستشفى الشاطبي للنساء والتوليد للمتابعة بما تعاني من هبوط في الرحم، أصابها من 5 سنوات والثاني؛ لجمع المساعدات العينية من الطعام والشراب والعلاج من الصيدليات وكذلك المادية لمن يعرفها؛ مستفيدة من ذلك المشوار فهي تعاني أيضًا من أمراض الشيخوخة، والضغط، والسكر، وعلى رأسهم حاجتها إلى إجراء عملية لإرجاع نظرها المفقود منذ 38 عامًا.

البعض يخشى مساعدتها، وذلك بسبب ما يشيع عن تخفي أفراد واستغلال المرض والإعاقة من أجل الاسترزاق، إلا أن يسعد البعض الآخر في دعمها، حتى وإن يتخلى ذوات النظرة الجندرية المتعاطفة نحوها عن مقعده لأن تجلس بإحدى طرقات الشارع أو بوسيلة الترام، حيث الفتيات والسيدات، فيما تقول: "في منهم بيقولي سلامة الشوف لأنهم بيشكوا فيَ وإني بمثل العمى".

تحكي "عزيزة" لـ"الوطن" قصتها التي بدأت حين تزوجت في سن الـ14 عامًا، في حجرة بـ"بيت أهالي" بحسب قولها، من صبري السيد، وتصفه بالرجل الذي لا يحمل قلبه شيئًا من الرحمة، فكان يعمل ببيع خضار، وفقر يده جعله يعتمد عليها في الإنفاق، فكان سببًا مباشرًا لحدوث المشاجرات، وباعتداءه عليها في إحدى المرات وجه لها ضربة على رأسها ما أثر على نظرها وإصابتها بعد سنوات بتلف في الشبكية بالعين اليسرى، ونزيف داخلي ومياه بيضاء على العين اليمنى، حتى فقدت النظر وجرى الطلاق بصعوبة بعد إنجاب ابنة وولدين.

واستكملت "عزيزة" حكايتها أنها حاولت مكابدة الظروف، حيث انتقلت بأولادها إلى سكن آخر بشقة صغيرة في شارع الجيش بمنطقة الدخيلة، ومن ثم بشقة أخرى بالبيطاش؛ لتتفرغ لتربية أبناءها بمساعدة والدتها والتي توفت منذ سنوات طويلة، ويكبر صغارها ويتولون خدمتها.

تقول وهي ترتجف وتجهش بالبكاء: "ابنتى الوحيدة تعاملني كالملك الجبّار لخدامه"، فيما أرادت أن تكابد شعورها بالأمومة وطردتها من المنزل.

حتى قبل 30 يوماً، طردت "عزيزة" أولادها الثلاثة ويدعوا "سلمى ومحمد وأحمد"، لسوء معاملتهم لها بالقسوة والحدة فيما يسخرونها لخدمتهم، فهي ترفض تذكرة سيرتهم، معتمدة على "أولاد الحلال"، كما تسميهم لمساعدتها وإتمام حاجتها من شراء الأدوية، والتنقل بين المناطق واستقلال المواصلات العامة، حتى استخراج أوراقها: "أنا واعية بالناس جدا".

تقول "عزيزة" إن ولديها حصلا على تعليم متوسط، واستطاعا أن يتزوجا وأنجبا 4 أطفال، لا تقابلهم الجدة ذات مرة، لا تميز أصواتهم ولا ملامحهم، باقية لها ابنتها الوحيدة "سلمى" التي كانت تسكن بالمنزل نفسه حتى زواجها: "محدش بيهتم بيا، وبييجوا يشوفوني بس، وأنا قطعتهم من شهر".

تشكو الجدة التي لديها 8 أحفاد خصيصًا من معاملة ابنتها، 30 عاما، والتي تركتها من زواجها بشاب يعمل بصيانة السيارات حتى أنجبت طفلين، فيما تروي آخر مقابلها بها حين كانت شقة ابنتها تخضع لأعمال النقاشة، فانتقلت إلى مسكن عزيزة لحين انتهاء توضيب شقتها، حتى نشبت مشادات بينها وطردتها.

وتشير إلى أنها تحصل على معاش من الشؤون الاجتماعية، حيث 323 جنيهًا، شهريًا، تخصص منه 70 جنيه نظير إيجار قديم لشقتها المكونة من 3 حجرات: "أنا بأعرف أخدم نفسي كويس، ومش بفتح الباب لأي حد، وفي ناس جيراني بيساعدوني"، حيث تعتمد على حفظ أصوات البشر وكذلك أسماءهم للتمييز بينهم.

وأوضحت أنه بجانب الأمراض التي تعانيها، إلا أنه زاد حمل التعب على كاهلها بعد أن اكتشفت بوجع أسفل البطن، وحين ذهبت لإجراء كشف طبي، أبلغها الطبيب بإصابتها بهبوط في الرحم وذلك قبل 5 أعوام، متابعة: "الأمراض بتيجي من الزعل".

"ربنا فوق، وولاد الحلال تحت".. تردد "عزيزة"، تلك الجملة خصوصًا بعد أن تمكنت من توفير أنواع العلاج التي تتناولها، في حين يندهش البعض من مساعدة وخدمة نفسها، فيما تقول جيجي أحمد، جارتها التي تسكن أمامها أنها دائما ما تشعر بالخوف إيذاء التعامل مع الجيران.

بعد حديث الجيران المتكرر مع "عزيزة" استطاعت أن تأخذ في اعتبارها عدة احتياطات، وتضيف "جيجي": "بس دلوقتي أخدت بالها".

وتابعت: "هي بتنزل تقف على باب البيت بالنص ساعة عشان تلاقي حد يطلعها برا الشارع"، موضحة أنها لعدة مرات يتسرب الغاز من شقة الستينية، مستكملة: "أنا دايما بلحقها لأني ساكنة قدامها، وممكن تسيب المحكم مفتوح".

بعد حديث الجيران المتكرر مع "عزيزة" استطاعت أن تأخذ في اعتبارها عدة احتياطات،

فيما تردف الستينية أن البعض يخشى مساعدتها، وذلك بسبب ما يشيع عن تخفي أفراد واستغلال المرض والإعاقة من أجل الاسترزاق: "في منهم بيقولي سلامة الشوف لأنهم بيشكوا فيَ وإني بمثل العمى".

الكلمات الدالة