عينها على الطريق للمتابعة، ولسانها مع الأطفال للتوجيه، تقلهم كل صباح ومساء إلى مدارسهم بسيارتها الخاصة، كعمل اعتادته منذ 8 سنوات، يشير الرجال بأيديهم وهي تقود سيارتها تحية لها، ويثنى عليها أولياء الأمور لحسن تعاملها مع الأطفال، فترد عليهم فاتن إسماعيل بأن الأمر مسؤولية ومتعة في آن معا.

السيدة الأربعينية اشترت سيارتها منذ 8 سنوات بدافع الاعتماد عليها في المشاوير الشخصية، وتوصيل الطفل إلى مدرسته الابتدائية بعيدا عن مشاكل أتوبيس المدرسة، لكن الأمر امتد لأطفال آخرين بعد طلب بعض جيرانها في منطقة بولاق اصطحاب أولادهم معها في عربتها، ولم تمانع فاتن: "ماهو كده كده في طريقي فكنت باخدهم معايا".

في بضع أشهر تحول الأمر إلى اشتراك شهري مدفوع مسبقا لصاحبة العربة الصغيرة، وبعد ذلك كان عليها أن تعود بالأولاد من المدرسة بعد أن كانت تذهب بهم في الصباح فقط: "الموضوع اختلف وبقت الأسر بتكلمني كل سنة عشان أحدد 10 طلاب آخدهم على دورتين في العربية معايا".

منذ 3 سنوات اشترت فاتن سيارة أكبر وباعت الصغيرة، وأصبحت تقل 20 طالبا إلى مدارسهم الابتدائية والإعدادية: "الابتدائي بآخد مشترك صبيان وبنات، لكن إعدادي بكتفي بالبنات بس، وبفضل طول الطريق أنصحهم بالهدوء عشان دي مسؤولية، تستاهل لما أروح بيتي أحمد ربنا إني كنت قدها".

تبتسم فاتن، 42 عاما، حين تذكر ثناء أولياء الأمور عليها باعتبارها سيدة، وكطبيعة في أي أنثى يكون القلق والحرص على الطفل أكبر: "وعشان كده بيثقوا فيا، وبسوق حلو كمان وهادي عكس ما الرجالي بتطلع شائعات علينا".

دورتان في اليوم، تبدأ من الـ5 صباحا بنقل طلاب الابتدائية، ثم تعود لنقل طالبات الإعدادية، وتعود إلى منزلها لتجهيز الطعام لبقية اليوم، فهي متزوجة وأم لـ3 أولاد في مراحل عمرية مختلفة، ثم تعود بعد ذلك إلى المدارس وتصطحب الأطفال إلى منازلهم في تمام الـ5 مساء: "باخد 160 على الواحد، وزوجي بيشجعني كمان، أنا من ناحية بشتغل مش قاعدة في البيت، ومن ناحية تانية مستمتعة بفكرة الشغل".