رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

قصة انتصار فتاة بعد موت بالبطيء: اكسري القواعد

كتب: نرمين عصام الدين -

01:20 م | السبت 02 ديسمبر 2017

تعبيرية

استغلت حبي لها، وخيّرتني بين الدراسة وبين رضاها، وابتزت عواطفي، أوهمتني أني لا زلت صغيرة على تحمل مسؤولياتي، فقررت أن أنال رضاها، هي رضيت عني، وأنا سخطت على نفسي.. هكذا بدأت آمال فايق، (اسم مستعار)، حديثها عن اعتراض أمها على إكمالها التعليم.

فايق، مغربية الجنسية، تضيف أن والدتها رفضت إلحاقها بالمدرسة بالمرحلة الإعدادية، وذلك اعتقادا منها أن ذلك يحفظها، وأن اصطحابها إلى مكان سكنهم "الجديد" بأحد الأحياء الريفية بالمغرب، وإلزامها بوالدها الذي يعمل إمام جامع، بذلك المكان لخدمته أفضل، تقول: "أفهمتني أنني لن أستطيع العيش بعيدا عنهم، وحطمت معنوياتي".

وسط بستان البرتقال كان مسكننا، 4 وجهات، كل النوافذ تطل على جمال المبدع، منظر يسر العيون، لكن لم يكن لنا جيران، ولا صديقات، ولا كهرباء حتى، وتفرق فايق، 25 عاما، بين مسكنها الأول ذو البيئة الحضارية، والثاني التي تصف أوقاته، قائلة لـ"هن": "كان يمر ببطء شديد".

والدتها التي هي من أصول أمازيغية، لا تجيد القراءة والكتابة، الزوجة الثانية لوالدها، حيث كانت لا تعلم بزواجه الأول وإنجابه أولاد، وتصف أبيها بأنه دائم الترحال، وذلك بتنقله كل فترات قصيرة ليعمل إماما للمساجد، وإعطاء الدروس الدينية، وتعليم القرآن الكريم.

وتقول: "لكني لم أدخل يوما للمطبخ، ولم أمارس الطبخ الذي أجادته أمي من قبل، كنت أحشر وجهي في كتب والدي منها خطب عبد الحميد كشك، وقصص الصحابة والأنبياء".

رغم ذلك استأنست المكان، والبيت وصديقة أيضا، كما تقول، حتى بمرور 4 سنوات، انتقلوا لمكان آخر، في رأس ضيعة بأعلى رأس الجبل: "لن أستطيع أن أصف لك صدمتي عندما وصلنا لذلك المكان كأني سافرت عبر الزمن للعصر الحجري ببت ريفي بسيط جدا، والملل يحيط بنا".

وتقول إنها كانت تأمل في العيش بمجتمع حضري كما كانت سابقا: "لربما أعود للدراسة، أو أتعلم الخياطة أو أي شيء، لم أكن أحب أن أبقى على حالي، كنت أشعر بالنقص، والشفقة على الذات".

وتقول عن مرحلة المراهقة: "كنت أحب أن أرتدي الجينز، وملابس تلائم عمري والموضة، مُنعت، لأني ابنة الإمام، ماذا سيقول الناس؟!.. لم أحب يوما تلك المنشفة التي كانت تغطي شعري، وكنت أشعر بالتأنيب لأنني لم أكن كما أرادني والدي".

وتصف الزواج بـ"لعنة العرس"، حيث تقدم لها عدد من الشباب إلا أن رفضتهم جميعا حتى ألح بها ابن خالتها، وتزوجت منه، وتقول: "طبعا أمي لم تغير أساليبها المعتادة من ابتزاز عاطفي واستغلال لسذاجتي وقلة خبرتي ووعيي، حتى ضغطت عليّ ووافقت".

أصبحت مرة ثانية بعد عدم إكمال تعليمي، حزينة لزواجي، وتقول: "لم نكن منسجمين أبدا، كانت أمي تجلس بجانبي وترغمني أن أتغزل به ولم تكن تهتم لدموعي".

وتقول في أثناء فترة خطبتها إنها لجأت إلى والدها، الذي هو منقذها الأخير، كما تصف: "خاطبته بدموعي قبل أن أخبره باعتراضي على صفات فيه كالغيرة والتسلط"، موضحة أن إجابته كانت غليظة: "ستتزوجينه!، كل الرجال غيورين وإن الذي لا يغار ديوث".

تزوجت فايق، وأنجبت طفلتين، وبمرور السنوات الأولى، أصيبت بمرض نفسي، وزارت أحد الأطباء، بينما زوجها الذي أعفى لحيته، كان يشتد عليها وتقول: "أصبح ينهي ويحرم، يمنعني من الأعراس والمناسبات، ومن الخروج دونه، يمنعني من مشاهدة الأفلام، ومن مواقع التواصل.. كان يعدمني تدريجيا".

وتوضح أنها أصبحت لا تطيق العيش معه، وتقول: "أصبح متعصبا، لا يحب النقاش، ما قاله أبو هريرة والبخاري هو الصح، وإن أبديت رأيي قال عني ملحدة كافرة، حتى أصبحت أنافق لأعيش تحت كنفه، حتى اكتفيت فتركت البيت، وذهبت عند أمي".

قرر زوجها أن ينفصل عنها، وتتابع: "فقط لأني سافرت وحدي مسافة 40 كيلومترا فقط، قرر أن يطلقني بكل بساطة، يتزوجني متى يشاء ويطلق متى يشاء"، موضحة أن في ذلك الوقت والدتها اتهمتها بأشياء كثيرة وعائلتها أيضا".

وأكدت أنهم وضعوا شروطا وصفتها بـ"التعجيزية" لرجوع زوجها لها، ولكنها قررت أخيرا فعل شيء ما، فرفضت الشروط التي كانت أمام والدتها، تقول: "سخط أمي ما عاد يجدي، فأنا تبرأت منها منذ زمن، وزوجي ما عاد تسلطه يخيفني"، موضحة أنها في مواجهة معه حتى الآن، بمفردها، بعد أن توفي والدها في حادث طريق في يوم ولادتها الثانية.

وتقول عن حالتها الزوجية الآن إنها الأفضل: "لربما هو شعر بالخطر من أنه قد يخسرني في أي لحظة، صح أني صحوت متأخرة، لكن أفضل من أن قد لا أصحو أبدا أصبحت أخذ الحرية كجرعات صغيرة لكني على الأقل حرة في أفكاري".

 

 

الكلمات الدالة