رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

هو

«السعدني».. آخر من تبقى من مقهى المشايخ: «أهل القرآن توفوا واللي عايش لا يلتزم بزي الأزهر»

كتب: نرمين عصام الدين -

10:43 ص | السبت 16 سبتمبر 2017

الشيخ محمد السعدني

يتكئ على عصا غليظة القوام، مُمسكًا بها من بيته القاطن بحي بحري في الإسكندرية؛ ليخطو في حذر ليصل ويجلس بالمقهي الذي اعتاد الجلوس عليه منذ أن كان شابًا، مُصطحبًا رفاقه من الشيوخ.

لا يتردد الشيخ محمد السعدني، 67 عامًا على «القهوة» كثيرًا، إلا في المناسبات والمواسم: «زمان القهوة كانت المشايخ 90%، و10% من الناس العامة، دلوقتي اللي بيتردد عليها عكس النسبة».

تمهّل الشيخ «السعدني» في دخوله المهنة في بداية الأمر، فحفظ القرآن الكريم في سن 11 عامًا بالمشافهة والتلقي، إذ وجد صعوبة في تعلم طريقة «برايل»، والتحق بالمعهد الأزهري في الإسكندرية، بعد إتمام الشهادة الابتدائية الأزهرية، وحصل على ليسانس الشريعة، وعمِل بالتدريس.

وُلد مبصرًا، ولكن إصابته بمرض عارض ـ حسب وصفه ـ قبل اكتمال عمره عامين عندما كان رضيعًا، ذهب ببصره ونتج عنه ضمور في العصب البصري: «الحمد لله ربنا عوضني عن البصر بالبصيرة».

تعلَم الموسيقى، تلك كانت نصيحة لكثير من الناس لوالده الذي وقع في حيره مع ابنه، واستمع الطفل إلى المطربين، أمثال «سيد مكاوي»: «ولكن ربنا أراد بي خيرًا ولوالدي فحفظت القرآن غيبيًا من تلقي الآيات من صوت المشايخ، وحفظته عن ظهر قلب».

بدأ قراءة القرآن في سن 15 عامًا، باصطحاب أحد المشايخ، ولكن عارضه والده الذي أراد له التدريس في الأزهر: «ربنا فتح عليّ من ناحية القراءة وحصلت على الشهادة الإعدادية الأزهرية، وكنت مركز أول في المكفوفين عام 1968».

عمل بالمهنة لأكثر من 50 عامًا، لحين تقاعده على المعاش منذ 7 سنوات، يقول: «القهوة كانت حلقة وصل بالمشايخ، تقريبًا 40 قارئ، وأشهرهم الشيخ حمزة الحلواني، وإبراهيم المنصوري».

أكثر من 50 قارئ، يرتدون زيًا أزهريًا، يلتقون وقت الفجر، حتى يتناثروا بالمناسبات عند ساعة المغرب، مشهد يؤشر إلى أن القهوة كانت مصدر رزق لكثير من المقرئين: «زمان كان القرآن افتتاحية لجميع المناسبات، لأن كل اللي عايز مقرئ بييجي ويطلبه بالاسم، وبيبقى معروف أنه قاعد في المكان المخصص بتاعه".

ويصف الشيخ الستيني أن قهوة المشايخ كانت منبعًا لظهور أجيال القراء، فهي ملتقاهم الأول، ولكن قل التردد عليها الآن: «السبب الرئيسي إن كتير من أهل القرآن توفوا، واللي عايش منهم قليلين».

سبب آخر يذكره «السعدني»، هو عدم التزام القراء بالزي القديم في أدوار العزاء أو المآتم: «دلوقتي بييجي لابس بدلة، ولذلك محدش بيفكر ييجي القهوة».

يعتبر «السعدني» القرآن والإنشاد الديني، الفن الذي يراه بعينيه: «عندي أصحاب فنانين، أولاد الشيخ محمد الهلباوي، والشيخ محمود رمضان».

«السعدني» كان على علاقة مع بعض الفنانين السكندريين، من بينهم «العربي حنون» عازف الإيقاع، والمطرب «إبراهيم عبدالشفيع»: «كانوا بيحبوا يسمعوني ويستدعوني في حالات الوفاة، بجانب عقد القران، وحفلات الخطوبة».

الشيخ «فتحي صابر»، عن غيره الأكثر إندماجًا مع فناني بحري: «كانوا أكثر الشيوخ بيستدعوه في الأفراح».

حتى يلتقي أصحاب المهنتين في مناسبة سعيدة، لتبدأ بافتتاحية من قراءة القرآن لـ 15 دقيقة لحين السماح بدخول الفقرات الفنية، والأغنيات، وأصحاب الطرب؛ لتُختتم المناسبة بقراءة آيات قرآنية تبركًا.

يحاسَب «السعدني» من إذاعة الإسكندرية على دقيقة أوقات الفجر بـ 2 جنيه بتسجيل القرآن، والقراءات، وعند تكرار وإعادة المقطع تصبح الدقيقة بـ 60 قرش، مثالًا ذكره السعدني عن أهل القرآن، إذ قل اعتبارهم عما كان، وذلك منذ عام 2006، حسبما يوضح.

الكلمات الدالة