رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

نساء "أرض الفيروز".. ربات منازل برتبة "مقاتلات"

كتب: دعاء الجندي -

04:30 م | الثلاثاء 25 أبريل 2017

صورة أرشيفية

"المِحن تصنع الأبطال".. لا تفرق الحرب بين رجل وامرأة وطفل، فالمعارك واحدة والشجاعة والبسالة سِمة أبطال سيناء الأم "أرض الفيروز"، فبين غزل أعلام مصر وتخبئتها في المنازل على هيئة "كسوة" لفرش المنزل خوفًا من إثارة غضب جنود الاحتلال عند "التفتيش"، ونقل السلاح للفدائيين على ظهر الجمال والأغنام وحمل الماء والغذاء للجنود على ضفة قناة السويس، تجلت بطولات "نساء سيناء".

ففي حرب 1967، والتي احتُلت فيها قناة السويس كاملة، استهدف طيران الاحتلال الإسرائيلي قطار القوات المسلحة القادم من قناة السويس ومتجهًا إلى قطاع غزة، وظهرت شجاعة أهل سيناء، حيث خرجوا لإنقاذ المصابين وحملوهم إلى ديارهم وألبسوهم "الجلابيب والعمائم السيناوية" لتهريبهم خوفا عليهم من بطش قوات الاحتلال.

وصل الأهالي والجنود المصابين إلى الخيام، وهنا تجلى دور "نساء سيناء" فعملن على خدمة ورعاية الجنود، وقدمن العلاج لهم من الأعشاب لتضميد جراحهم.. فيما قامت أخريات "بخياطة جراح الجنود بشعر رأسهن الطويل"، وبهذا الوصف بدأت السيدة "سناء جلبانة" عضو مجلس الأمومة والطفولة في سيناء حديثها، لتروي بعضًا من بطولات "نساء سيناء" في الحرب، وهو ما شهدته في طفولتها ونقلته لها والدتها وجدتها.

"من رفح لدير العبد صمد الأهالي إلى جانب القوات المسلحة لمساندتهم، وأوصلوهم من الماسورة ورفح حتى قناة السويس لينقلوا الجنود إلى القوات المسلحة على البر الغربي".. هكذا شرعت "جلبانة" في حكي "البطولات".

وأكدت أن بعض النساء البدويات تطوعن في منظمة "سيناء العربية"، وعملن كعيون للمخابرات الحربية لنقل تحركات العدو داخل سيناء، في أثناء جمعهن للثمار من الأشجار أو رعاية الأغنام، وهو ما كان يتيح لهن حرية الحركة على الأرض أكثر من الرجل، وهو ما خدعن به العدو.

وأوضحت أن النساء كانت تصطحب الأغنام لإخفاء آثار أقدام الجنود في أثناء تسللهم إلى الجبهة، فكان العدو الصهيوني يعتقد أن "نساء سيناء" مجرد أميات "جاهلات" استسلمن بسهولة ولا يعرفن شيئًا سوى رعاية الأغنام، في حين أن المرأة السيناوية كانت تنقل السلاح للفدائيين والجيش على ظهر الجمال، وتوصل الغذاء والماء للجيش على حدود القناة".

وقالت "جلبانة"، إنه حينما كانت صغيرة خبأت إحدى نساء سيناء، الجندي "محمد" من قبيلة الملالحة، مشيرة إلى أنه كان مصابًا في كتفه وقدمه اليسرى بـ3 رصاصات أخرجتها من جسده.. وتابعت: "تلك السيدة البسيطة كانت تطحن مجموعة من الأعشاب لتعالج بها جراحه، كما أنها علمته اللهجة البدوية خوفًا عليه من التفتيش الإسرائيلي، وسعت لاستخراج بطاقة هوية إسرائيلية له باسم محمد حماد الملاحي، للحفاظ على حياته داخل القبيلة، حتى أُتيحت لها الفرصة وأعلمت المخابرات الحربية عنه عن طريق إرسال بياناته العسكرية مع البطل محمد حسين سعد مدير الصليب الأحمر المصري آنذاك، ثم أرسلته لعبور القناة".

وأضافت "جلبانة"، أنها تتذكر جدتها وأمها حينما كانتا تغزلان الأعلام المصرية بأيديهما على شكل كسوة وأغطية لفرش المنزل حتى إذا جاء تفتيش من "الصهاينة" لا يمسون أهل الدار بأذى، مؤكدة أنهن حينما سمعن خبر الحرب خرج جميع الأهالي أمام ديارهم حاملين أعلام مصر، لترفرف عاليًا ووضعوها أعلى أسطح المنازل، وخرجوا للتبرع بدمائهم للجنود، وكل ما هو غالٍ ونفيس في محاولة لإنقاذ جنود الوطن البواسل.

وتابعت: "على مدار 12 عاما من الاحتلال لم يستطع العدو الإسرائيلي التغلغل داخل كيان أهل سيناء، أو تجنيد أحد أبنائها، لأن المرأة المصرية زرعت في نفوس أطفالها عن طريقة تربيتها لهم حب الوطن، وعندما أراد العدو الصهيوني تدويل سيناء من خلال مؤتمر دولي في الحسنة، وقف جميع أهل سيناء رجال ونساء وقالوا (إن باطن الأرض خير لنا من ظهرها إذا تخلينا عن مصر أو فرطنا في سيناء...)".

واختتمت "جلبانة" حديثها بقولها، إن المرأة في سيناء كانت تعاني أيام الحرب ولا تزال تجاهد في سبيل البلاد، مؤكدة أن "نساء سيناء" يحاربن الأفكار الإرهابية بتربية أبنائهن على الوطنية وحب الأرض لأنها "عرض وكرامة الرجال"، مشيرة إلى أن الحرب لا تزال مستمرة ضد الإرهاب حفاظًا على كرامة المصريين.