الصدفة التي قادت نيوتن لاكتشاف قانون الجاذبية حينما سقطت على رأسه تفاحة، كانت أيضا بداية الطريق الذي انخرطت فيه الدكتورة هبة الرحمن أحمد، المدرس المساعد بالمركز القومي لبحوث البناء والإسكان، عندما قادها أحد الأبحاث العلمية التي أجرتها بكلية الهندسة في مجال المواد المركبة، وتحولت إلى مادة خصبة لرسالتها بالماجستير، وتوصلت من خلالها لاختراع مادة جديدة لاستخدامات الطبية، وتسجلها كبراءة اختراع منذ عام 1997 الذي يعتبر كانطلاقة أولى للبحث العلمي تكلله بـ34 اختراع، وإصدار العديد من المؤلفات العلمية، بجانب المناصب العلمية والإشراف على العديد من الرسائل، مستكملة طريقها بإنشاء نقابة للمخترعين.  

بدأت المخترعة الأربعينية مشوارها العلمي بعد تخرجها في كلية الهندسة بجامعة القاهرة، وأجرت أكثر من رسالة ماجستير في مجالات عدة منها هندسة التصميم الميكانيكي، وتطبيقات الليزر في الصناعة، واستكملت محطاتها العلمية بهولندا حاصلة على درجتين للدكتوراه في إدارة الأزمات والمخاطر والأخرى في علم المواد.  

اختراعات عديدة توصلت إليها عبر سنوات متتالية من البحث العلمي، كان أبرزها جهاز لتنقية المياه من الشوائب بالليزر، واستطاعت تنفيذه على أرض الواقع لكن قلة الدعم أوقفت الاختراع عن التسويق التجاري، "الجهاز قائم على مرحلتين الأولى إزالة الشوائب، والمرحلة الثانية إزالة البكتيريا والفيروسات، حاولت مع شركات وجهات كتير عشان تسوق الاختراع تجاريا، وما زالت أجري تعديلات عشان أقلل من تكلفته رغم أنها رخيصة".

لجوء إحدى الشركات إليها طلبا لمساعدتها في التخلص من المخلفات الناتجة عن تقطيع الرخام والجرانيت والمعروفة باسم "السحلة"، كانت إحدى الفرص التي أتت إليها للوصول إلى اختراع آخر "مادة السحلة عاملة زي البودرة الناعمة ملهاش أي استخدام على مستوى العالم، وقدرت أوصل لطريقة جديدة واستخدامها كمادة جديدة ومقوية في العمليات الإنشائية والبناء"، وحصلت على براءة الاختراع في عام 2008.

"الرمال السوداء" أخر ما توصلت إليه المخترعة هبة الرحمن، الرمال السوداء هي الرواسب الشاطئية التي تتراكم عند مصب نهر النيل، وتحتوى على خامات نادرة ومعادن ثقيلة يمكن استخدامها كخامات للحديد، "بيبقى فاضل رواسب أخرى ملهاش فايدة، لكن قدرت أجري عليها أبحاث ولقيت أن ممكن أطلع منها مواد ممتازة نقدر نستخدمها في مجالات مختلفة، ولسة الأبحاث جارية".

رغم كثرة الاختراعات التي توصل إليها الكثيرون ما زال عدم التنفيذ على أرض الواقع المصير الذي يجدونه، لتتجه هبة الرحمن لإنشاء نقابة للمخترعين "مش هنوقف حياتنا عشان محدش مهتم بينا، مصر تمتلك حوالي 7000 مخترع وباحث فأسست النقابة في عام 2012 وتتبع اتحاد نقابات عمال مصر".  

وما بين دورات للتوعية بخطوات تسجيل براءة الاختراع بأكاديمية البحث العلمي، تقديم الدعم العلمي لأعضاء النقابة، بعض الأهداف التي تسعى هبة الرحمن تحقيقها مع أعضاء النقابة.

"احنا ملناش برنامج عند الحكومة لتنفيذ اختراعتنا"، هذا ما أكدته هبة الرحمن فيما يتعلق بالمشكلات التي تواجه المخترعين، بالإضافة إلى بعض "السماسرة" المختصون لسرقة الاختراعات "محتاجين سياسات تقدر تمنع هذه المشكلة".