تميزت بملامح مصرية أصيلة، جعلتها تلقب بسمراء الشاشة، وتحجز لنفسها مقعدا بين نجمات السينما المصرية، إذ طغى على وجه الفنانة مديحة يسري ملامح هادئة مريحة، كانت سببًا في وقوع الكاتب عباس العقاد في حبها، بعد رؤية صورتها على غلاف إحدى المجلات كوجه جديد في أولى مراحل حياتها، وظلت تطارده في أحلامه، فكيف تعرف عليها؟، وهو ما نرويه من خلال «هُن».

قصة حب العقاد لمديحة يسري

في صالون العقاد كانت لنا أيام للكاتب أنيس منصور، تحدث عن قصة الحب من طرف واحد تجاهه الفنانة مديحة يسري، إذ رأى وجهها لأول مرة على غلاف مجلة بكلمات تعبر عنها: «الاسم هنومة خليل حبيب علي مواليد 3 ديسمبر العام 1921، تلميذة بمدرسة التطريز بشبرا، تهوى التمثيل» عام 1939 في إعلان صغير بإحدى المجلات الفنية المتخصصة في مصر، تقدمها المجلة كوجه جديد للعمل بالسينما.

فارق سن وصدمة

وقعت عينا الأديب المصري الكبير والراحل عباس محمود العقاد على الإعلان، ولم تفارق عيناه فقرر البحث عنها حتى كلف أحد أصدقائه بالذهاب إلى مدرستها للبحث عنها، وخلال رحلة البحث عنها اكتشف العقاد أن مديحة يسري صديقة لأحد أشقاء أصدقائه، فطلب منه أن يدعوها لاجتماعه الأسبوعي في منزله يوم الجمعة، كان العقاد وقتها في سن الخمسين بينما كانت مديحة في العام الثامن عشر لها.

عندما ذهبت مديحة يسرى إلى منزل العقاد، حدث لها نوع من الصدمة من هول ما شاهدته، إذ انبهرت بآلاف الكتب التي تغطي جدران المنزل، وعجبت بكبار الصحافيين والكتاب الذي يجلسون، حكى العقاد: «فور دخولها صافحتها وأجلستها بجواري»، شعرت أنها تجلس بجانب شخصية عظيمة، فسألها عن الكتب التي قرأتها، فلم ترد فاعتقد أنها لم تقرأ شيئًا: «قرر الأديب الراحل أن يتبناها فكريًا وثقافيًا»، ظن أنها تولدت قصة حب قوية وعميقة، ولكنها كانت من جانب واحد.

اقرأ أيضًا: سمراء الشاشة مديحة يسري في ذكرى ميلادها.. عاشت وحيدة بعد رحيل أبنائها 

سر بلوفر من مديحة يسري لعباس العقاد

فكر العقاد في طريقة غريبة لربطها به، إذ طلب منها أن تقوم بصناعة «بلوفر» له من الصوف، واصطحبها إلى أحد محال بيع الصوف في شارع سليمان وأشترى لها الإبر، وطلب منها أن تلازم بيتها حتى تتم صنعه، لكنها عادت إلى محل الصوف وأعطته مقاسه وطلبت منه أن يصنعه وبالفعل حدث وفكر أنها بذلك وقعت في حبه، لكنه شعر بأن ذكاءها تجاوز بكثير خطته، وبدأ في استجوابها حتى اعترف لها، فكتب قصيدة «خوفي فأنت أحلى من الوفاء».

حب من طرف واحد

شعرت أنه يريد أن يسجنها وهي كانت ترغب في العمل بالسينما، وأصبح يراقب كل خطواتها حتى بدأت تضيق بهذا، وبعد دورها في فيلم الإرهابي طلب العقاد من والدها أن يأتي إليه لمقابلته، وذهبت إلى هناك لتجد العقاد معه، وذهلت وعبرت أنها تشعر تجاهه باحترام شديد ولم تحبه، وعقب شهور طويلة طلبها محمد عبد الوهاب وجه جديد للعمل معه ووقعت عقدًا سينمائيًا، ثار العقاد وطلب من مديحة تمزيق العقد لكنها رفضت، وأخبرته أنها غيرت اسمها لمديحة يسري، وسترتبط بالمطرب محمد أمين إذ كان ممثل معها في الفيلم.

تورتة بالذباب لمديحة يسري

لم يدر العقاد ماذا يفعل؟، تمزق قلبه حتى أغلق العقاد الهاتف في وجهها، وانقطعت صلته بها، وطلب من صديقه الرسام صلاح طاهر أن يرسم له صورة على شكل «تورتة يحيط بها الذباب»، وكانت هذه الحلوى هي مديحة يسري، وظلت فوق سريره في غرفة نومه حتى توفي، انحصرت علاقته بها في إطار الصداقة فقط، فلم يتزوج الأديب الكبير، بينما تزوجت أربعة مرات من الملحن محمد أمين والمخرج أحمد سالم والفنان محمد فوزي والشيخ إبراهيم سلامة الراضي.

حديث مديحة يسري عن العقاد

تحدثت في إحدى اللقاءات التليفزيونية السابقة، عن علاقتها بالعقاد: «كنت آراه يوم الجمعة كان أستاذي أحضر ندواته واجتماعاته، الكثيرون كتبوا في شعرًا، وكنت على علاقة صداقة به، لم أزوره في أيامه الأخيرة، لكنني كنت أحدثه بالتليفون دائمًا».