كتب: شروق صلاح -
05:01 ص | الأربعاء 14 سبتمبر 2022
هل سمعت من قبل عن كرسي البردي أو كنبة البردي؟، كالأغلبية معلوماتهم عن النبات البردي وقفت عند صناعة الورق كما درسنا عن الحياة الفرعونية في صغرنا، رغم دخوله في الأثاث المنزلي وهو الفن النادر الذي توارثته عائلة «عم صابر»، الرجل الخمسيني الذي يجلس في هدوء داخل إحدى حارات حي تحت الربع، بالدرب الأحمر، يلف قصاصات البردي لتتشابك في بعضها لينتج منه كرسيًأ مميزاً يلفت نظر المارّة، وبجانبه الأشكال المختلفة من الأثاث المنزلي المصنوع يدويًا من نبات البردى.
عم صابر سعيد، 57 عاماً، عامل أشغال بردية، يمتهن تلك المهنة الشاقة منذ 45 عاماً حين كان في الـ12 من عمره، ورثها من أهله حتى أتقنها، حيث إنهم يمتهنونها منذ ثلاثينيات القرن الماضي، لم يجد عم صابر عملا يحبه ويتقنه مثلها، رغم صعوبتها واستغراقها وقتاً طويلاً لصنع كرسي صغير إلى جانب الجهد البدني الشاق، لكن حبه الشديد لعمله يجعله ينتج أفضل الأشكال من الأعمال البردية بكل أريحية وبدون كلل.
أنجب «صابر» من الأبناء خمسة، لم يرث أي منهم مهنة صناعة الأثاث البردي، لم يكترسوا لها يوما فتخرجوا في الجامعات وشق كل منهم طريقه بعيدا عن مهنة الأجداد، فلم يجد الأب سبيًلا لعدم اندثار المهنة التي يعشقها غير بتعليمها للعاملين معه في محله الصغير للحفاظ عليها.
ينقسم زبائن «صابر» بين المحبين للأثاث البردي وأشكاله وأصحاب القرى السياحية والكافتريات والأماكن التي تؤسس على الطراز القديم، إذ تلقى مهنته حبا خاصا عند الأجانب، الذين يعشقون كل ما يتعلق بحقبة الفراعنة وما ينتج عنها، وتحديدا ما يتعلق بالأعمال اليدوية، ولكنه يعاني من صعوبة وصولهم إليه لكونه في حارة قديمة لا تدبها أرجل السياح كثيرًا.
قديما كان يباع الكرسي البردي الصغير بـ50 جنيها والذي وصل إلى 90 جنيها مع الوقت، وهو يمر بـ7 مراحل حتى يكتمل، فهو الذي يصنع الكراسي بنفسه من أول إعداد الخشب إلى أن يصبح كرسيا من البردي، فرغم أن مكسبه قليل بسبب صعوبة الصناعة فيتراوح بين 6 لـ9 جنيهات، إلا أنه يستمتع بما يفعله «مش هدفي المكسب على قد الاستمتاع بشغلانتي»، وأصبحت مشغولاته من أساسيات عدد كبير من الطبقة الراقية الذين يستخدمونها كديكور في منازلهم.
الأشغال البردية مهنة مأخوذ فكرتها من الفراعنة لصنع الأثاث، فأصبحت تستخدم لعمل وتزيين الكراسي والكنب والطرابيزات بقش البردى الرفيع، ينقسم نبات البردي إلى نوعين، فالنوع الأول هو البردي العريض وهذا يستخدم لصنع الورق البردي، بينما الرفيع فهو الذى يستخدمه الآن لصنع الأثاث بعد تقطيعه وتنشيفه، ويشترى البردى الرفيع من ملحات وادى النطرون.