رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

صحة

أطباء نفسيون يحللون «الظاهرة المخيفة» ويرسمون خريطة النجاة

كتب: إيمان مرجان -

01:10 م | الإثنين 25 يوليو 2022

اكتئاب ما بعد الولادة ـ صورة تعبيرية

الوصم الاجتماعي الذي يصاحب المرض النفسي في كثير من الأوقات، يجعل الذهاب إلى طبيب طلبا للعلاج «محطة أخيرة» للأمهات في رحلة اكتئاب ما بعد الولادة، بعد مشوار طويل من الميول العدوانية والأفكار الانتحارية التي تراودهن، ورغم أنّ المرض معروف منذ سنوات طويلة، لكن الوعي به في مصر يكاد يكون منعدما.

هالة حماد: العلاج قد يستغرق شهرين.. و«فرويز»: أعالج حالة منذ 30 عاما

تُصاب الأمهات باكتئاب ما بعد الولادة عادة في العام الأول بعد الوضع، نتيجة تغييرات كيميائية تطرأ على مخ الأم، وتتمثل معظم أعراضه بحسب الدكتورة هالة حمّاد، استشاري الطب النفسي، وزميل الكلية البريطانية للطب النفسي، في «اضطراب مزاجي، اضطراب نوم، مشاعر سلبية، انعزال، فقدان القدرة على التواصل مع الطفل، رغبة في انعزال البشر، وفي بعض الأحيان يكون مصحوبا بـ«ضلالات»، وهي الأشياء غير المقبولة للمجتمع، لكنّ الأم تراها حقيقة وتصدقها.

ترى استشاري الطب النفسي، أنّ إيقاع الحياة السريع، وانغماس كثيرون فيها وانشغالهم بمواقع التواصل الاجتماعي، من الأسباب الرئيسية لاكتئاب ما بعد الولادة، موضحة أنّ الأمهات اللاتي عشّن في الريف قبل سنوات طويلة، وتحديدا في منازل العائلة، كانوا أكثر حظا ممن يعشن اليوم: «زمان كانت الأم بتلاقي دعم في الفلاحين، بيت كبير وفي ستات كتير بيساعدوها وحواليها طول الوقت، لكن دلوقتي كل واحد في حاله ومشغول ومش فاضي، والأصعب إن مفيش وعي بالمرض كمان».

عملت «حمّاد» قبل زمن في بريطانيا، داخل وحدة متخصصة لعلاج اكتئاب ما بعد الولادة، حيث كانت الأم والرضيع يلقون عناية مكثفة طوال 24 ساعة: «الأم كانت بتتحجز في الوحدة، لو حصل لها ضلالات، بمعنى إنّها بتشوف الابن كأنّه شيطان عاوز يأذيها، في منهم فكروا يقتلوا الرضيع، كانت الممرضة هي المسؤولة عن الطفل، تديه للأم ترضعه وتاخده منها، ومينامش معاها في غرفة واحدة، والأم متخرجش غير لو اتأكدنا 100% إنها واعية وتقدر تكون مسؤولة عن الطفل».

العلاج من اكتئاب ما بعد الولادة يتطلب مداومة مع الطبيب، تجنّبا لانتكاسة غير محمودة، فالعلاج بحسب زميل الكلية البريطانية للطب النفسي، يستغرق فترة تتراوح بين 30 و45 يوما، شرط الاستمرار في العلاج والمتابعة مع الطبيب، ووجود الدعم الكافي من الأسرة خاصة الزوج، بعدها تعود الأم طبيعية ويمكنها التعامل مع الطفل».

دعم الأسرة 

معظم الحالات التي وصلت إلى الطبيبة لم تجد دعما كافيا من أسرتها، التي كانت ترى أنّ الأم «محسودة» أو «حد ساحر لها»، وعلاجها لا يتطلب سوى شيخ يرقيها، محذّرة الأسر من التهاون مع إصابة الأمهات باكتئاب ما بعد الولادة: «ممكن يقلب بميول انتحارية، عشان كده لازم يلجأوا لطبيب نفسي يشرح الحالة ويفهمهم ازاي يتجاوزوا الأزمة».

نعم للدعم.. لا للتأنيب

أطباء الأطفال، والنساء والتوليد، عليهم مسؤولية لتوعية الأم بالمرض النفسي الذي قد يصيب بعضهن، وتقديم النصائح والدعم لتجاوز المرحلة الصعبة، حسب تأكيد «حمّاد»، فضلا عن دور الأسرة الذي يأتي في المقدمة، لتجنيب الأمهات ويلات المرض النفسي: «لو لاحظوا حاجة على الأم ميخجلوش، لازم مساندة دعم وعلاج، وبلاش لوم وتأنيب». 

7 أنواع من الاكتئاب 

المراجع الطبية بها 7 أنواع من الاكتئاب، واحدا منها هو الذي يصيب الأمهات «بعد الولادة»، بنسبة 95%، ومن بين هذه النسبة 98% لا يشعرن به على الإطلاق ولا يحتجن لأدوية، حسب الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، أما النسبة الباقية فقسّمها الطبيب إلى جزأين، الأول 1.8% تُصبن باكتئاب من الدرجة المتوسطة، وتكون أعراضه ضيق شديد واضطراب في النوم وخوف مبالغ فيه على الطفل، إضافة إلى الحالة النفسية السيئة، وفي هذه الحالة تحتاج المريضة علاجا قد يصل إلى 9 أشهر دون انقطاع. 

هلاوس سمعية وبصرية 

الجزء الثاني من النسبة السابقة، وهي 0.2% تُصبن بأعراض شديدة، يقول «فرويز»: «النوع ده بيكون اكتئاب مزمن، وهلاوس سمعية وبصرية، بتحس إن الطفل عدوها، أو شيطان عاوز يأذيها، وبيكون عندها رغبة في الانتحار والتخلص من الطفل، والحالات دي بتحتاج تدخل طبي». 

يرى الاستشاري النفسي أنّ الدعم الأسري يسهم بنسبة كبيرة في شفاء المريضة، فضلا عن المداومة على تلقي العلاج وعدم وقفه قبل استشارة الطبيب، تجنٍبا لانتكاسة غير متوقعة: «عندي حالة بعالجها من اكتئاب ما بعد الولادة من 30 سنة، لأنها وقفت العلاج من غير ما ترجعلي».