رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

«إلينا» الألمانية: دخلت «التنظيم» صدفة.. وعشت «سبية» 6 سنوات

كتب: أحمد العميد -

08:14 م | الإثنين 16 يوليو 2018

«إلينا» الألمانية: دخلت «التنظيم» صدفة.. وعشت «سبية» 6 سنوات

هى أكثر النساء اختلافاً فى المخيم الذى يضم عشرات العائلات الداعشية، فى «عين عيسى» بمحافظة الرقة، تختلف بزيها الملون ونشاطاتها داخل المخيم لترتيبه وتنظيفه والدفاع عن حقوق الأطفال والنساء داخله، لا تزال تتذكر كل خطوة خطتها من بلدها الآمن «ألمانيا» لتقع فى فخ كبير أطاح بزوجها الذى أحبته، وأبعدها عن أسرتها وعائلتها فى هامبورج، لحظات وجيزة من الشعور بالحماسة تجاه ما يجرى فى سوريا جعلتها تدفع الثمن غالياً من خلال الجحيم الذى عاشته طوال نحو 6 سنوات بين أحضان «داعش».

«أنا نادمة إنى جيت هنا سوريا، أنا جيت لأن أطفال يموت، أطفال مساكين»، بهذه الكلمات، وبطريقة نطق تكشف عن جنسيتها الأجنبية، تفسر «إلينا فختسلام»، 28 عاماً، سبب مجيئها إلى سوريا عام 2012 لإنقاذ الأطفال والتضامن مع الشعب السورى، لكن هذا التضامن تحوّل إلى تورط فى الانضمام إلى أبشع تنظيم إرهابى حديث، حسب قولها. كانت تعيش فى هامبورج فى أسرة متوسطة، وكانت تعمل مشرفة على 11 عاملاً بماركت «كوفلاند»، سلسلة هايبر ماركت ألمانية شهيرة، أحبت شاباً كان يحمل الجنسيتين الألمانية والتركية يُدعى «سركان ألشى»، لم يكن متديناً بأى ديانة، فهو «ملحد»، كانت تغضب دائماً من الانحلال الأخلاقى لدى الشباب فى ألمانيا وحتى من تصرفاتهم، حتى التقت بصديقة مسلمة تُدعى «حليمة» دعتها إلى الدين الإسلامى من خلال اجتماعات كبيرة كان يحضر فيها الكثير من الناس فى ألمانيا يتحدثون عن الإسلام.

كنا نشاهد صور الأطفال والضحايا عبر الإنترنت وتعاطفت معهم.. وعندما وصلت سوريا خفت من الحرب 

وتعلق: «الإسلام جميل ونظيف، وكل الناس فى ألمانيا وسخ، أنا تعبت من هذا، الناس تنظر إلى جسدى، حليمة قالت الحجاب من الإسلام ولا أحد ينظر إليكى»، كانت صديقتها «حليمة» المسلمة قد أقنعتها بالإسلام لتعتنقه وترتدى الحجاب، حتى إنها تركت حبيبها لأنه غير مسلم، معلقة: «هو ما فهم كيف أنا أترك هو، لأننا فى الجاهلية -قبل إسلامهما- كنا نعيش مع بعض من دون زواج»، لكنها فوجئت به فى أحد الاجتماعات الكبيرة التى كانت تحضرها مع «حليمة»، واعترف لها بأنه على خطأ وسيعتنق الإسلام وسيتزوجان: «هو جاء قال لى إلينا إحنا فعلنا نكاح واحنا نتزوج»، مشيرة إلى أنه اندمج مع هذه الاجتماعات التى كانت تقام فى 2011، وتعرض صوراً لمذابح داخل سوريا لجمع التبرعات، وأنهما كانا يريان على شبكة الإنترنت مجازر بشعة تحدث فى الشعب السورى، فغادر إلى سوريا ليشارك السوريين فى الدفاع عن حقوقهم.

يتصل بها «سركان» من سوريا، يخبرها بأن الأطفال هناك يحتاجون إلى الرعاية والمال، ويطلب منها أن تأتى لسوريا وتساعد الشعب السورى: «قال لى إلينا، أطفال هنا بشار يقتلهم، تعالى الله يجازيكى هذا خير، هم أطفال يتيم»، موضحة أنها قامت بجمع كل ما لديها من أموال بلغت 10 آلاف يورو، وسافرت إلى تركيا، ومن تركيا تم التنسيق معها لمقابلة مهرّب حتى يُدخلها سوريا، وبالفعل دخلت من منطقة بالقرب من «جرابلس»، لكن المهربين الذين ساعدوها فى الدخول إلى سوريا سلموها لأفراد من الجيش الحر، وكانوا يحملون البنادق الرشاشة ويرتدون ملابس عسكرية، وأصيبت بصدمة بسبب ما رأته من مسلحين ومنطقة بها حروب عنيفة، معلقة: «جيت فى مكان قتال فى حلب منطقة كفر حمرة، وأنظر فى تعجب، وكان الناس غاضبة من أنا، ليش ما ألبس نقاب، شعرت بالخوف».

زوجى «قناص» وأسرته «جبهة النصرة» لمدة 4 شهور و«داعش» أعاده ليحارب معهم فى «دير الزور».. وأمير الرقة أرسلنى إلى «الشدادى» فى الصحراء حتى لا أهرب.. وتزوجت أفغانياً ليساعدنى على الهرب فكذب علىّ وضربنى.. وداعشيات بالمخيم حاولن قتلى لعدم ارتدائى النقاب 

وتضيف «إلينا» أن زوجها طمأنها بأنه يحدث قصف مستمر فى هذه المنطقة، وعليها ألا تقلق لأنه من الممكن أن تستمر فى منطقة ما حرب 20 عاماً دون أن تصاب أو تموت، بينما من الممكن أن تموت فى منطقة آمنة، وأن الأمر كله متعلق بقدر الله، مشيرة إلى أنه ذهب إلى السوق ليشترى أغراضاً، ولكنه لم يعد، وغاب مدة شهر، وأنها اضطرت إلى النزول للأسواق وهى لا تتكلم العربية، حتى أثارت فضول الناس من حولها، وجاءها بعد شهر ونصف إلى المنزل ثلاثة أشخاص أحدهم يتكلم الإنجليزية وآخر يتكلم الروسية وثالث يتكلم العربية، وسألوها عن زوجها فأخبرتهم بما جرى، وأخذوها إلى الرقة بزعم أن جيش الرئيس السورى بشار الأسد يتقدم ليأخذ المنطقة، وفى الرقة التقت بأمير يُدعى «هارون» تحدّث معها حول غياب زوجها، وطلب منها مواصفاته، وأخبرته: «قلت له هو يرسم وشم فى كل ذراعه من كف يده إلى الكتف، وهارون يبحث عنه قتل أم فى سجن».

وتستطرد دامعة: «بعد أيام قال لى هو موجود اسمه أبوبلال (كنيته) فى السجن فى جبهة نصرة، وهم جابوه لى وخدته فى حضنى وأبكى»، مشيرة إلى أنها التقت به بعد غياب 4 شهور، وكان حزيناً للورطة التى وقعا فيها، وكان يحاول أن يطمئنها بأنه سيدبر طريقاً للعودة إلى تركيا، مضيفة أن الأمير «هارون» فى الرقة كان أميراً داعشياً كبيراً، وأجبره على الذهاب إلى الرباط - نقاط التماس والحدود - فى محافظة دير الزور لأنه كان قناصاً ماهراً، لكن زوجها أخبرها بأنه سيتغيب مدة 3 أيام فقط وسيعود إليها ليهربا إلى تركيا، لكنه قُتل خلال الـ3 أيام بعدما ضلّ الطريق إلى الرباط وقتلته جبهة النصرة، وذلك فى 2013، معلقة: «جبهة النصرة اتصل بالدولة إسلامية قال سيارة جت خطأ ضربنا عليها رصاص ووصفوا الوشم الموجود على ذراع زوجى فتأكدت أنه قُتل».

وتشير إلى أنها كانت حاملاً من زوجها، وذهبت إلى «هارون»، أمير داعش، لتخبره برغبتها فى العودة إلى تركيا، لكنه رفض، وأمر أن تجلس فى مضافة للنساء -مكان يجتمع فيه الداعشيات الجدد وأرامل القتلى. وبعدما أنجبت أرسلها إلى منطقة «الشدادى» بدير الزور لأنها منطقة صحراوية، حيث يستحيل هروبها، وتابعت: «أنا طلبت من هارون أن أعود لأنى كنت حامل، قال لى ما فى طريق، لازم تجلسى فى المضافة، وهم فهموا إنى أريد أرجع لبلدى، أخذونى إلى الشدادى، لأن صحراء ما فيها طريق»، مضيفة أنها تزوجت من داعشى أفغانى كى يساعدها على الهرب، حيث لا يمكن أن تسير فى الطرقات من دون محرم.

وتقول «إلينا»: «تزوجنى، وعشت معه مثل السبايا، وأنجبت منه طفلاً ثانياً اسمه حمزة»، موضحة أنها تعرضت للضرب والتعذيب على يده، وكان يريد الذهاب بها إلى بلده فى أفغانستان، وهى كانت تريد العودة إلى ألمانيا، فهددها بأنها إذا أرادت تركه سيأخذ ابنه معه، فاضطرت إلى القبول بعرضه لحين الوصول إلى تركيا، ودبرت للهرب إلى ألمانيا مع أطفالها، قائلة: «أنا أعرف الحياة فى أفغانستان طاعة، طاعة النساء، سمع وطاعة للزوج»، مشيرة إلى أنها كانت تتعرض للضرب والتعنيف منه، وفى مرة من المرات التى تعدى عليها قامت هى بضربه، فهددها بأن يأخذها للحسبة -شرطة داعش- لمعاقبتها.

وعن رحلة القبض عليها، تقول: «الحرب فى دير الزور كتير، وهربنا مع بعض، وصلنا على الحدود تركيا، ولكن الأمريكيين قبضونا وأنا كنت سعيدة، وتكلمت للأمريكيين كل شىء»، موضحة أنها جاءت إلى مخيم عين عيسى، وسكنت مع نساء وأطفال عناصر تنظيم داعش، وأنها تتولى ترتيب تسليم الحصص الغذائية للأسر، وتتعرض للضرب والتكفير من قبَل داعشيات تونسيات موجودات بالمخيم، حيث يرينها كافرة، لأنها لا ترتدى النقاب، قائلة: «النسوان متشددين خوارج، أعرفهم، هم يخربون المخيم، أفكار سيئة، نسوان كانوا عليا حتى يقتلونى، والحرس أنقذنى وضرب فيهم، من تونس ومن فرنسا وأوزباكستان، هم جابونى كتير مشاكل من أجل أنا بدون نقاب، لا يحب أنا وتقول كافرة ومرتدة، الإسلام جميل، لكن داعش تشوه الإسلام»، لافتة إلى أنها تتعرض للتكفير من جانب الداعشيات بالمخيم، وأن فكر التنظيم لا يزال مسيطراً على الكثير منهن، قائلة بأنها تنسق مع أهلها فى ألمانيا لتأخذها السفارة الألمانية وتعود إلى بلدها، مؤكدة أنها قبل الإسلام كانت تعتنق المسيحية، لكنها ستعود وتظل بالحجاب وتعمل من أجل تربية ابنيها من حبيبها ومن الداعشى الأفغانى.

الكلمات الدالة