رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

التحرش مش كلمة والسلامة

كتب: ياسمين الصاوي -

05:51 م | الأربعاء 22 مارس 2017

صورة ارشيفية

اجتمعت صحبتنا من جديد بعد الانشغال اليومي في زحمة وصخب الحياة، هذا اللقاء الذي ننتظره منذ شهر تقريبا حتى نخفف عن أنفسنا ثقلها.

جلست وصديقتي "منة محمود" في انتظار رفيقتنا الثالثة "مريم موسى" التي تأخرت قليلا، دارت بيننا أحاديث خفيفة عن أحوال البلاد والعباد ممزوجة بشئ من المرح والضحك المتواصل بشكل هستيري حتى فاضت عينانا من الدمع ورددنا في نفس واحد "اللهم اجعله خير"

وبالفعل لم يكن خيرا على الإطلاق، فقد وصلت تلك الغائبة عن الجمع التائهة في زحام الطريق والناس، لكن عيناها تمتلئ بسيل جارف من الدموع الحارة حتى استحال لونهما إلى الأحمر القاني، وجسدها يرتجف بطريقة غير طبيعية، ملابسها تبدو متسخة قليلا ببعض الغبار، لم يكن حضنها حضنا عاديا لأصدقاء اشتاقت إلى رؤيتهم بل حضن احتياج ورغبة في الطمأنينة والسكون.

أخذنا نسألها كثيرا "مالك في ايه؟ طب طمنينا انتي كويسة؟" لكن صوت البكاء يمنع الكلمات أن تنطلق من فمها، مرت دقائق وهي ترتجف، ولا نعلم شيئا عما حدث لها، ولا نستطيع تخمين شئ فقد توقفت العقول عن التفكير، ونبضت القلوب من القلق واللهفة، فماذا يمكن أن يحدث لتلك الفتاة الهادئة الخجولة جدا التي لا تكاد تسمع صوتها من شدة الهدوء، ولا تفارقها والدتها على سماعة الهاتف في كل لحظة؟

أخيرا تحدثت "مريم" بنبرة صوتها الخجول لكن هذه المرة يحمل غضبا وقوة غير عادية: "خرجت من محطة المترو، وكنت ماشية على الرصيف، وبكلم ماما اطمنها، وفجأة لقيت إيد ولد من ظهري" وسكتت مرة أخرى لتواصل البكاء بعد أن انتابها الشعور ذاته ثانية، وخجلت من قول ماحدث، ففهمنا أن الولد قد فعل شيئا مشينا وتحرش بها، وتخجل من قول ذلك، فقالت لها "منة": "تمام، وعمل حاجة مقززة، وبعدين؟"

 

لنتفاجأ بقولها بكل قوة: "أول ما حسيت بكده، معرفش ايه حصلي؟ رميت الموبايل والشنطة على الأرض، ولفيت في ثانية، لقيته بشعر طويل مسكته منه وبدأ اخبط رأسه في الحيط جامد جدا لدرجة أنه كان بيصرخ، ورأسه جابت دم، الناس بدأت تتلم وتقولي بتعملي ايه؟ حسيت كأني بحلم، سيبته بسرعة وخدت حاجتي من على الأرض، وطلعت أجري، معرفش عملت كده ازاي؟"

 

 سادت حالة من الصمت والذهول، ولم نعرف ماذا نقول؟ وكيف يمكن لتلك الفتاة العذبة الناعمة الهادئة أن تفعل ذلك؟ تلك الفتاة التي لا تعرف أن تقول لفظا سيئا، فكيف تمسك برأس ولد لتضربه حتى ينزف دما؟

 

قمنا بتهدئتها ومحاولة تخفيف الموقف عن نفسها، وتناولنا الطعام سويا، وانصرفنا وأنا أقول في نفسي، يبدو أن الأمر لم يعد قضية عادية يتناولها الإعلام والقوانين ومنظمات حقوق المرأة كل يوم، لكنه كارثة قادمة

الكلمات الدالة