ملابس بسيطة قاتمة اللون وحجاب أسود، ونظرات قوية تعطي إيحاء من الوهلة الأولى بقوة شخصيتها واختلافها، إذ حجزت لنفسها مكانا وسط سائقي "التوكتوك"، تقوده وتجوب به شوارع قرية برمبال القديمة مركز منية النصر بمحافظة الدقهلية، تحاول تفادي وعراته، تصل بالزبائن إلى مقاصدهم، وتبحث عن راكب تلو الآخر، رغبة في كسب الرزق لتوفير حياة كريمة لأسرتها.

يومها يختلف عن الكثير من الأمهات، فبعد طلاقها وقع على عاتقها مسؤولية 6 أفراد، تستيقظ في الصباح الباكر لتحضير الإفطار لوالدتها، ثم توقظ أبناؤوها الخمسة، توصلهم إلى مدارسهم، قبل أن تتجه إلى مالك "التوكتوك"، الذي تعمل عليه بحثا عن الرزق الحلال.

تلك هي حياة نعمات الحسين عبد الرحمن علي، السيدة الأربعينية، الشهيرة بـ"أم دنيا"، التي فضلت أن تأكل من عرق جيبنها، ولم تلتفت إلى النظرات السلبية التي كانت توجه لها في أول رحلة بـ"التوكتوك"، حتى غيرت نظرة المجتمع لها، وأطلق عليها "ست بـ100 راجل".

بعد الانفصال عن زوجها منذ 5 سنوات، وجدت نفسها تتحمل مسؤولية تربية أبنائها الخمسة ووالدتها: "بعد ما اطلقت لقيت معايا 5 عيال، 4 بنات وولد، أكبرهم بنت قدرت أجوزها من الشغل في البيوت، والشغل على التوكتوك".

عامان ونصف مروا على رحلة "أم دنيا" مع قيادة التوكتوك، حتى تتمكن من تحمل مسؤولية الإنفاق الكامل على أبنائها: "بعد ما انفصلت عن جوزي، هو اتجوز وبقيت أنا اللي بصرف على ولادي، مكنتش عايزة أحسسهم بأي حاجة، وأني قادرة أوفر كل طلباتهم المادية والمعنوية".

أمنية واحدة تحلم السيدة الأربعينية بتحقيقها: "كل اللي أنا محتاجها توكتوك يبقى بتاعي أشتغل عليه علشان المكسب يبقى ليا، وأقدر أكفي المصاريف وأسدد ديون جوازة بنتي".