ترص المعسل على أحجار الشيشة، بمهارة شديدة تنتهى من الواحد تلو الآخر، ثم تشعل النار على الفحم وتتابع طلبات الزبائن وتقوم بتحضير المشاريب المختلفة لهم، تعمل عزيزة إبراهيم، وحدها فى المقهى الموجود بكفر الزغارى، أمام بيت النفادى بحى الحسين، رغم تخطيها الـ70 عاماً، إلا أنها لا تهدأ ولا تتوقف عن الحركة يميناً ويساراً.

تقلل المياه من شيشة أمامها ثم تحملها وتسير بها، متحمّلة آلام قدميها، لتضعها أمام زبون اعتاد على تدخينها بالمقهى، تضع له «الولعة»، لكنها لا تحنى رأسها، تحرص على أن تكون مرفوعة، وفى طريقها للبوفيه مرة أخرى تسعل بشدة بسبب حساسية الصدر، ومع منتصف اليوم تهدأ حركتها قليلاً بعد أن تزيد عليها الآلام، تتذكر ظروف حياتها، لكنها تنسى كل أزماتها وتنخرط فى العمل حتى انتهائه.

تدفع 1000 جنيه شهرياً ثمن إيجار المقهى، لكنها لا تجنى منها إلا القليل: «يا دوب باخد لقمتى بس، طول عمرى شقيانة فيها، هاعمل إيه غصب عنى علشان لقمة العيش». وقوفها أمام حرارة الفحم المشتعل يضايقها، وذهابها إلى غرفتها التى تعيش فيها مع زوجها يتعبها: «قاعدة فى أوضة، الحيطة فيها واقعة، ده الخرابة أحسن منها».

منذ 50 عاماً تعمل فى المقهى، كانت شابة فى العشرين من عمرها عندما استأجرته، أصبح لها زبائنها الذين يفضّلون شرب القهوة والشاى والشيشة من يديها، نصحها الطبيب أكثر من مرة، بعدم العمل فى المقهى ولا تقديم المعسل بسبب تأثير الدخان الضار عليها: «صدرى بايظ وعندى حساسية، والدكتور كتب لى برشام لو معايا فلوس أجيبه، غلبت، وكمان محرّج عليّا لا تقفى فى القهوة، ولا تشمى دخان، لكن غصب عنى».

تحدّد «عزيزة» كوبين من الشاى فقط، تشربهما يومياً: «نصيبى 2 بس فى اليوم»، وتعمل بلا راحة من الصباح للمساء: «واخدة على الشقا، ماعرفش أقفل وأروح أقعد فى البيت، قعدة البيت تتعبنى».