رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

فتيات تروين تجاربهن من "بيت العائلة" عن وهم "جنة الزوجية"

كتب: ندى نور -

05:11 م | السبت 18 أغسطس 2018

فتيات يروين تجاربهن في

كثيرا من الفتيات وافقن على الزواج فقط من أجل الهروب من سجن الأسرة إلى ما توهمن أنه "جنة الزوجية"، حيث الحرية وغياب مساءلة الأهل "في الرايحة والجاية"، لتصطدمن ببعض صخور الواقع.

"فادية.أ"، شابة لم يتعد عمرها الـ26 عاما، اختارت الزواج مبكرًا وهي لم يتعد عمرها 23 عاما، لتستطيع أن تحقق ما تتمناه مثل الخروج مع صديقاتها والعمل بعد تخرجها في المجال الذي تمنته وهو "الديكور"، ورغم بساطة أحلامها إلا أنها وجدت صعوبة في تحقيقها في بيت العائلة، لخوف والديها الزائد عليها ورفضهما الدائم خروجها مع صديقاتها المقربين لها.

"وأنا صغيرة كنت بتعامل مع خوف أهلي الزائد عليا.. إنه حاجة طبيعية لكن بعد ما دخلت الجامعة الخوف زاد وبقت اسمع منهم دايمًا كلام مكرر إنتي مينفعش تتأخري بره البيت، مينفعش تشتغلي، مينفعش تسافري لوحدك".. هكذا بدأت الفتاة العشرينية حديثها لـ"الوطن"، مضيفة أنه عند حديثها مع والديها، لتقليل خوفهم الزائد عليها، كانت تسمع مقولة واحدة كما ذكرت "طول ما إنتي في بيت أهلك هتخضعي لينا لما تروحي بيت جوزك هيكون هو المسئول عنك ابقى اعملي اللي إنتي عايزاه".

تجسدت هذه الفكرة داخل رأس الفتاة التي كانت تتمنى أشياء بسيطة مثل الخروج مع صديقاتها أو التدريب في أي مكان أثناء دراستها في الجامعة ولكن كانت تتحول هذه الأمنيات إلى سراب بعد انتهاء المشاجرة بينها وبين والديها.

وتقول الفتاة بنبرة حزينة: "قبل تخرجي بشهر أقدم جاري على طلب الزواج مني ووافقت على الفور دون محاولة معرفة تفاصيل كافية عنه، وتزوجنا بعد تخرجي مباشرة"، نتيجة متوقعة وصلت إليها الفتاة لكي تعيش حياة طبيعية تتمتع فيها بقدر من الحرية.

حلمت الفتاة عقب تخرجها أن تعمل في مجال "الديكور"، الذي تخرجت منه، ولكن توقع الفتاة أنها بزواجها ستتحقق أحلامها كان خاطئًا، فلم يكن الزوج محقق الأحلام كما توقعت، ورغم الاتفاق الذي أخذته على الزوج قبل الزواج أن يسمح لها بالعمل إلا أنه لم يعمل به إلا شهرًا واحدًا بعد زواجهما كما ذكرت، ومع توالي المشاكل كان الطلاق هو الحل الوحيد.

لم يختلف وضع "حنان.م"، الفتاة الثلاثينية، تخرجت من كلية سياحة وفنادق، اختارت أن تعيش كما حلمت ولكن كان هناك دائمًا حاجز يقف أمامها ولا تستطيع تجاوزه، وأصبح الخوف الذي حاولت أمها تجسيده داخلها سمة متأصلة في شخصيتها، خاصة بعد وفاة والدها، حتى اتهمها البعض بالمرض النفسي، وبعد فهم الأم خطورة ما تفعله مع ابنتها، أصيبت الشابة الثلاثينية بالعزلة عن المجتمع خوفًا من التعامل مع الآخرين.

"بعد وفاة والدي وأنا في ثالثة كلية قلق أمي بقى بيزيد تدريجي لحد ما وصل لمرحلة صعبة جدًا"، هكذا بدأت الفتاة الثلاثينية حديثها لـ "هُن"، أثناء دراستها لم تدرك السبب وراء خوف أمها المتزايد ولكن بعد ذلك ذكرت لها الأم أنها بعد وفاة والدها الحياة يجب أن تتغير وتسير على نهج مختلف "لأنهم بقوا من غير راجل".

وتابعت الفتاة: "مش عارفة إذا كانت أمي كان عندها حق في تفكيرها بالطريقة دي ولا لا بس فجأة لاقيت نفسي بتحرم من كل الحاجات العادية البنات كلها بتعملها في حياتها بقيت لوحدي"، شعور بالوحدة والخوف انتاب الفتاة عقب تخرجها حيث ابتعدت عنها كثيرات من صديقاتها بسبب حرمانها من رؤيتهم بعد التخرج.

افتقدت الفتاة الثلاثينية وهى في ريعان شبابها شعورها بالحياة والفرحة التي لم تدخل قلبها بعد وفاة والدها وتحولت شخصية أمها إلى النقيض تمامًا ومنع الفتاة من أبسط حقوقها، حتى تحول الأمر إلى شك دائم في تصرفات الفتاة، "لما تخرجي متتأخريش عن الساعة 5، علشان كلام الناس انتي لسه بنت متجوزتيش"، جملة شهيرة أصبحت محور الحوار الذي يدور بينها وبين والدتها بشكل دائم.

وتقول الفتاة أنها عقب إقناع والدتها بضرورة عملها وجدت صعوبة في التعامل مع من حولها بشكل طبيعي، وبحسب قولها كانت تشعر دائمًا أن من حولها في مجال عملها يكرهون التعامل معها ويحاولون قدر المستطاع الابتعاد عنها نتيجة شعورها الدائم أن أصدقائها في العمل يحاولون إيذاءها، ونتيجة لذلك لم تستغرق الفتاة في عملها سوى بضعة أشهر.

وتوالت المشكلات وتحولت أحلامها إلى سراب، وبعد مرور عدة أشهر على جلوسها في المنزل دون عمل ازدادت مشاكلها النفسية وخوفها من الفشل و الخروج والبحث عن فرصة عمل أخرى تتناسب مع إمكانياتها وطموحاتها البسيطة، ورغم تفوقها أثناء دراستها إلا أن خوفها الزائد، الذي انتقل إليها من والدتها جعلها تختار أن تغلق على نفسها باب غرفتها، وتختار العزلة والانسحاب من المجتمع.

خبرات اكتسبتها والدة ميار (اسم مستعار) من تجارب اصدقائها من الأمهات في طريقة تعاملهن مع بناتهن، جعلها تحاول قدر المستطاع ان تفرض على ابنتها بعض القيود في تربيتها لها.

في كل يوم تستيقظ فيه الفتاة العشرينية من النوم للذهاب لمحاضراتها تسمع العبارات التي تتكرر كل يوم، "تخلصي محاضرات وتيجي ومتروحيش أي حته تانية، أنا عارفة محاضراتك بتخلص الساعة كام.. ساعة من بعد ميعاد المحضرات تكوني في البيت".

جمل متكررة اختارتها الأم لابنتها لكي تشعرها دائمًا بإحساس أنها مراقبة في كل أفعالها، حتى انتهى بها الأمر ورغم تفوقها الدراسي إلى الجلوس في المنزل، لعدم رغبة والديها في عملها في مناطق بعيدة.

"عاوزة اتجوز علشان أخلص وأعيش حياتي بشكل طبيعي زي كل البنات اللي في سني".. جملة تحاول الفتاة أن تقنع بها نفسها أن بزواجها تستطيع الحصول على حريتها التي فقدتها في "بيت العائلة".