رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

«مرام» مدربة طيران مصرية بـ«الخطوط الأمريكية» تحلق في سماء أحلامها.. رحلة نجاح صعبة

كتب:  نرمين عزت -

10:41 ص | الثلاثاء 30 مايو 2023

مرام العليمي مدربة طيران في الخطوط الجوية الأمريكية

تحمل جنينها في بطنها بعد أعوام من تأجيل الخلفة، وتحلق في سماء نيويورك لاستكمال عدد الساعات التي تؤهلها لتصبح كابتن طيار، أيام وليالي من الضغط والتنقل عبر المدن، سبقتها التنقل في أكثر من مجال عملي ودراسي، وكانت البداية من دراسة الإذاعة والتليفزيون في مصر، لتضع حلم مقدمة البرامج نصب أعينها.

توالت الأيام لتسافر إلى زوجها، حيث يقيم في نيويورك، ويتبخر المذيعة هناك، فلا أحد يعرف الفتاة المصرية التي انتقلت مجددا للمدينة الأمريكية الصاخبة، ولن تجد يد عون تساعدها على تحقيق حلمها، لتبدأ البحث عن طموحات جديدة، بدأت بدراسة العلاج الطبيعي، لتلاحقها أحداثا مختلفة وتخوض محاولة التعايش مع حياة جديدة، تروي تفاصيلها مرام العليمي مدربة الطيران المصرية في الخطوط الجوية الأمريكية، خلال حديثها لـ«الوطن».

حلم الإذاعة تبخر في مطار نيويورك

انتقلت «مرام» بعد أحلام كثيرة بنتها، تخيلت فيها نفسها مقدمة برامج شهيرة في بلدها، لكن منذ أن وصلت نيويورك لتعيش مع زوجها تبخر كل شيء، لتقرر التفكير في أحلام أخرى وتجرب كل الفرص المتاحة أمامها، حتى وجدت ضالتها الأولى في العلاج الطبيعي، عن طريق الدورات التعليمية، وقبل أن تبحث عن فرصة عمل علمت بقبولها لدراسة الطيران.

تروي تلك التفاصيل مستذكرةً أحداثها: «درست إذاعة وتلفزيون في مصر، وجوزي كان عايش في أمريكا انتقلت ليه، كان هدفي أكمل علاج طبيعي، وأخدت بالفعل كورسات كتيرة أوي وغيرت المجال لأسباب مختلفة، قدمت على وظيفة مضيفة طيران، على سيبل الهزار وأعمل حاجة مختلفة، وقدمت على كل الوظائف اللي قدامي من بينها الطيران، بعد ما قدمت اتقبلت ومكانش الموضوع في دماغي ولا حلمي.. كان هدفي أكون مذيعة في الأول».

صعاب واجهت «مرام» في رحلتها

لم تكن الحياة سهلة كما تخيلتها، كان الواقع يهددها دائمًا بترك الوظيفة غير الثابته، ومرتبها البسيط: «كانت أهم الصعاب في أمريكا، أن المضيفة مرتبها مش كويس ساعات، شغلها صعب جدا، وأي حد ممكن يتقبل حتى بعد الثانوية العامة، ومش محتاجة شهادات، عشان سهل تاخديها وسهل يستغنوا عنك، وده اللي عملوه ساعة كورونا، مكنتش الشركة قادرة تدفع لنا مرتبات، لحد ما وقفوا على رجليهم تاني، فضلنا حوالي 6 شهور بدون مرتب، ومش موظفين غير اسم بس، عكس الطيارين، وكل يوم بشتغل ومهددة بالخطر، وكنت مستنية أترفد في أي وقت».

«مكنتش بستخدم مخي على قد ما بتسخدم عضلاتي»، عبارة مرام العليمي التي تصف مدى القوة التي تحتاجها من تعمل في مجال الطيران بشكل عام، وبشكل خاص المضيفة التي تقف طول الوقت تراقب الأجواء، للتأكد من سلامة الرحلة: «عايزة حد قوي جدا، طول الوقت واقفه على رجلك ويونيفورم مش مريح، واخدة بالك من كل حاجة، وكل حد بيعمل أي حاجة، مش مفروض يعملها علشان أمان الطيارة، زي مثلا لو في حد هيعمل تهديد أمني للركاب، ده مبيحصلش كل يوم لكن مفروض تكوني على وعي بيه».

مع مرور الوقت أصبحت «مرام» تحب الاستايل الخاص بعملها، والفوائد التي تعود عليها منه، بحسب وصفها، لكن الوظيفة نفسها لا تجد نفسها فيها، لم يكن ذلك هذا العمل هدفها، لكنها قررت أن ترتقي بالدرجات، فلماذا لا تصبح كابتن طيار؟ تسوق هي طائرتها بنفسها، بعيدا عن ضغط الوقوف والمراقبة، أو حتى الشعور بأنها مهددة بترك عملها في أي وقت.

عرفت أنها تحتاج إلى عدد معين من ساعات الطيران، ومن ثم تستطيع التحليق بعدها: «مش حاسة إن ده هدفي، لكن حابة تفاصيله زي الاستايل وتوفير الطيران، يا إما ببلاش، أو طيران داخلي بسعر رمزي لو بره البلد، طول ما انتي موجودة في المطار وقاعدة في مكان في الطيارة،أانتي هتتطلعي عليها، الفوائد رهيبة جدا، تخلي اي حد عايز يدخل طيران، خاصة لو أهله في كل حته زي أخويا في نيوزيلندا، وخالة في لندن، وجزء كبير من عيلتي في مصر، فعشان خاطر أسافر بشكل اقتصادي ودوري، محتاجة اكمل في الشغل دا، ودي من الحاجات اللي حببتني في استايل الشغلانة، لكن مش الشغلانة نفسها».

تواصل: «قعدت أفكر لقيت إني محتاجه أتعلم طيران، وممارسة 1500 ساعة طيران عشان أحقق هدفي الأكبر وأكون طيارة، بالفعل بدأت أخد كورسات واتعلم، لكن ظروف حملي غيرت كل حاجة».

الولادة ظرف طارئ مهم 

حتى تحقق حلمها وتصبح كابتن طيار، كان لا بد من أن تلتحق بمدرسة الطيران، والتعلم حتى تصبح بالممارسة مؤهلة لذلك: «قعدت أفكر محتاجة إيه عشان أبقى طيارة، وممكن أعمل إيه يديني نفس الفوائد والامتيازات ديه من غير الضغط الكبير ده، ومنه محسش أني هتطرد في اي وقت، وقولت محتاجة إيه عشان أبقى طيارة، فدورت لقيت أني محتاجة أخش مدرسة طيران أتعلم وأجرب وأشوف قادرة أطير طيارة».

تكمل: «عملت رحلة اكتشاف من مطار جنبنا، بيطيروني وبمسك كل حاجة وبخوض التجربة عشان أعرف أنا حابة المجال ولا لاء، وبعدها حبيت الموضوع، وكنت لسه مقلقة، وكنت بدور على علامة لقيت إعلان للأكاديمية اللي بشتغل فيها دلوقتي، مكتوب عليها (كن طيارا)، فقدمت وعملت امتحان، وقالولي هبدأ في شهر 2 وفي نفس الوقت أنا وجوزي بنحاول نجيب طفل بعد فترة طويلة، ودخلت من هنا شهرين بالظبط وكنت حامل، وكان أكبر تحدي بالنسبة لي أني أتعلم طيران وأنا حامل».

في ظل الوقت الذي يهيئ فيه المخ جسمها حتى تصبح أمًا للمرة الأولى بعد إنتظار سنوات، كانت تتعلم قيادة الطائرة، ثم تأتي كورونا وتوقف كل شيء، بعد أن كانت أنهت أكثر من اختبار، قبل أن تعود إليهم من جديد وتجري 20 اختبارًا، كان ذلك في الشهور الأخيرة من حملها: «أول امتحان كان الممتحن من الطيران الفيدرالي الأمريكي وروحت كنت في الشهر التاسع، وبقوله ممكن ابقى (طيار خاص)، امتحنت وبعد 10 أيام ولدت ابني، وأخذت 6 شهور مع البيبي، لاني أم لاول مرة، ولما حسيت أني قادرة أكمل تاني رجعت تاني اخدت باقي الكورسات، وكانوا 7».

تابعت مرام: «أكبر صعوبة تواجهني حاليا، أوفق بين بيتي وعائلتي وشغلي، ومجيش على حاجة على حساب حاجة، حاسة بمسؤولية كبيرة تجاه ابني مش عايزا أكون الحاضر الغائب، بحاول أوفق لده وده، بس بيجي على حساب نومي وراحتي، ولازم أشتغل بدري أوي، علشان اخد بالي من ابني لما يرجع من المدرسة وأبقى معاه».

صعوبة الاهتمام بالعائلة والعمل سويا من المشكلات التي تواجه كل أم عاملة، لكنها تريد وتحاول التوفيق حتى إن كان ذلك على حساب راحتها، وتستقطع من وقتها من أجلهم، وعلى الرغم من أنها لم تربط بين حلمها في الطيران، وبين أحد من عائلتها، إلا أنها بشكل غير مباشر حققت حلم والدها الذي التحق بالطيران الجوي، وتمرن فيه 200 ساعة تقريبًا، ثم ماتت والدته وغير السلاح من الطيران الجوي إلى القوات الجوية، لكنه لم يكن سبباً أساسياً في التحاقها بالطيران، لكنها بعد مرور أعوام عدة وعندما حققت حلمها بالتحليق أخيراً، أخذته معها في رحلة طيران خاصة.

كل المراحل التي مرت بها قبل الطيران، كان لها ميزة تعلمتها، حتى وصلت لما تريد أن تصبح عليه، واستفادت من كل ما درسته في التعامل فيما بعد.