كتب: غادة شعبان -
02:22 م | الإثنين 25 أكتوبر 2021
كغيرها ممن خدعتهم الثانوية العامة، لم تحصل على مجموع عال يؤهلها لدخول الكلية التي طالما حلمت بها، إذ كانت تتمنى أن تصبح طبيبة أمراض نساء، لكن فريدة سليمان، ابنة قرية البراجيل بمركز أوسيم في محافظة الجيزة، التحقت بالمعهد الفني الصحي قسم صناعة الأسنان، بنصيحة من معلمها الخاص، على أمل أن تضمن فرصة العمل كفني معمل، حتى كافئها القدر وكلل جهودها وتوج أحلامها، بأن تصبح أول فتاة تمتلك معمل أسنان داخل مصر.
بعد تخرج «فريدة» من المعهد الفني الصحي، عُينت في كلية الأسنان بقصر العيني قسم التركيبات الثابتة، وبعدها قررت استكمال دراستها حتى حصلت على بكالوريوس تكنولوجيا صناعة الأسنان، لتكن تلك أولى خطوات النجاح، التي مكنتها من امتلاك أول معمل أسنان في مصر، إذ روت الفتاة التي خطت أول أبواب الثلاثينيات لـ«هن»، كواليس حلمها وتحوله لحقيقة.
«شغلك مش قد كده.. مش هتنفعي»، كانت تلك العبارة التي حفزت «فريدة»، ووضعتها نصب أعينها، حتى تتأهب للنجاح والتفوق، بعدما سمعتها من صاحب أحد المعامل، الذي رفض عملها معه، ليكن ذلك الدافع: «بكيت يوم طويل لإحساسي بالفشل».
النجاح الحقيقي بدأ على يد فني تركي الجنسية، كان له الفضل في تشكيل وصناعة حرفية «فريدة»، إذ كانت الفتاة الوحيدة التي تعمل وسط كثير من الرجال في معمل واحد: «كنت البنت الوحيدة، وتعرضت لمشاكل كتيرة، ومن بعدها أشار عليا دكتور في المعهد إني أفتح معمل خاص بيا، ومكنش معايا فلوس، وبدأت مشروعي بـ200 جنيه من الألف للياء، البداية كامن من غرفتي في منزلي، حولتها هي والمطبخ لمعمل صغير، وبعد فترة عملت معمل كبير باسمي في القاهرة، ووصل صيتي للأقصر وأسوان».
التشجيع والدعم من أسرة «فريدة» كان سر نجاحها بلا منافس في مجال الأسنان: «عمرهم ما وقفوا في طريقي وواثقين فيا وبيدعموني، في الأول ماما كانت بتضايق أني بتأخر، لكن مع الوقت اتأكدت أني غامرت مغامرة صح».
«في الشغل مش بهرج، وأغلب الدكاترة رجالة، بنسى إني بنت قدامهم ومبضايقش من كلمة فني معمل»، بهذه العبارة واصلت «فريدة»، الحديث عن طبيعة عملها كفني معمل وسط العديد من الرجال: «عندي 4 مناديب و10 فنيين، منهم بنتين والباقي رجالة، بنتعامل في الشغل زمايل وشد كتير واحترام المواعيد في المقام الأول والأخير، لكن خارج المعمل أصحاب جدًا، وكإننا عيلة واحدة».
لا يخلو أي مجال من الضغوطات والصعوبات، التي ربما تعيق الشخص وتقلل من طموحه، لكن هذا الأمر لم يحدث في حياة الفتاة الثلاثينية، التي غامرت وتحدت الجميع: «أصعب الحاجات اللي كانت بتواجهني أني كنت لوحدي، وفي دكاترة بتطلب حالات مستعجلة، كنت بضطر أبات واتأخر وأروح الفجر، وبفضل أفكر يا ترى الناس هتقول عليا إيه، حصل مرتين قفلت المعمل بسبب تعرضي لحادث كبير، لكن تحديت المرض والظروف بعد ما عملت عملية وركبت شرائح ومسامير في إيدي، وقفت على رجلي من جديد».
وعن الطموحات التي تتمنى «فريدة» تحقيقها، قالت: «نفسي أكون إمبراطورية، ويكون ليا في كل محافظة معمل بالناس بتاعتي، طموحي معامل باسمي، بحاول أعمل فرع تاني، وهي مغامرة والمجال صعب».