رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

«فادية» سبعينية تعاني المرض والتشرد.. ولادها ضربوها وجوزها رماها في الشارع (صور وفيديو)

كتب: عبدالرحيم الليثي -

05:45 م | الخميس 29 يوليو 2021

الحاجة فادية

لم يشفع لها عند أسرتها سنوات المعاناة والتعب من أجلهم، وتناسى زوجها عمرا عاشته معه كانت نعم الزوجة والصديقة والسند في وقت الشدة، وقست قلوب أبنائها السبعة فهي كالحجارة أو أشد قسوة، لتأخذ ابنتها الكبرى أموالها وملابسها وتلقي بها في الشارع، في حين رفض ابنها الآخر بقاءها في بيته فاستأجر لسها سيارة أجرة تنقلها من أمام منزله إلى أقرب محطة قطار، لعلها ترحل بعيدا عنه، كي يهنأ بالعيش مع زوجته وأبنائه.

ذلك ببساطة ملخص سريع للمعاناة التي تعيشها السيدة «فادية» البالغة من العمر 76 عاما، والتي تخلى عنها الجميع، زوجها البالغ من العمر 98 عاما، والذي تزوجها قبل 64 عاما، وتحديدا عندما كان عمرها 12 عاما، ليقرر قبل عامين طردها من منزله ليعيش وحيدا، رافضا حتى تطليقها لكي تحصل على معاش من الدولة تصرف به على نفسها، لتحاول العيش لدى أبنائها البالغ عددهم سبعة ما بين 3 رجال و4 سيدات، وجميعهم متزوجين ويعيشون في عدة محافظات، ما بين محافظة الأقصر حيث كانت تعيش الأسرة كلها قبل أن تفرقهم الأقدار، وبين محافظات البحر الأحمر والقاهرة.

 

«فادية» تتنقل بين محطات الصعيد وتنام على الأرصفة

قالت «فادية» لـ«الوطن» إنها ضحت بحياتها من أجل أسرتها لكنهم تخلوا عنها وتركوها وحيدة تعاني المرض والتشرد، حيث أصيبت بجلطة أثرت على قدمها اليسرى وذراعها اليسرى، وليس لها مأوى تعيش فيه بعدما طردها زوجها من مسكنه، فباتت تقضي أيامها ولياليها متنقلة بين محطات سوهاج والأقصر وإدفو وكوم أمبو، تنام على رصيف محطات القطار الأربع، حيث تجد هناك من يساعدها في المأكل والمشرب ودخول الحمام، والذي باتت لا تستطيع دخوله بمفردها منذ أصيبت بالجلطة.

«فادية» لم تعد ترغب في العودة إلى زوجها الذي طردها من بيته بعدما ضحت بحياتها كلها من أجله ومن أجل أبنائها الذين تنكروا لها بعد طرد والدهم لها، قائلة «اللي يبيعك بيعه»، فهؤلاء ظلموها وأكلوا حقها، حيث طردتها ابنتها الكبرى من بيتها بعدما أخذت أموالها وملابسها، ثم ألقت بها في الشارع، حتى لا يعود زوجها من السفر فيجدها في بيته، مفضلة رضا الزوج على رضا الأم، وكان هذا حال باقي الأبناء.

ورغم ما تحملته «فادية» من معاناة وألم، ترفض تحميل بناتها أي لوم على ما تتعرض له، قائلة إن من يمكنها أن تلومهم هم أبنائها الرجال، والذين تخلوا عنها من أجل إرضاء زوجاتهن، حيث أن أحدهم كان يجعلها تنام على مرتبة ممتلئة بالحشرات، وتعرضت للإهانة والضرب في بيته من زوجته ولم يحرك ساكنا، بل إنها عندما اشتكت له نهرها وقال لها إنه لا يريد أن يسمع منها شيء، وفي نهاية الأمر طردها من بيته، وهو الأمر الذي تكرر مع شقيقيه الآخرين.

 

دور الرعاية رفضت استضافتها بسبب مرضها

وقالت «فادية» إنها لا تريد من الدنيا شيء سوى العلاج، حيث تتمنى أن تستطيع المشي على قدميها مرة أخرى، وقد أثرت الجلطة على قدمها اليسرى فلم تعد قادرة على الحركة، وهو السبب الذي دفع 3 دور رعاية لرفض استقبالها – بحسب قولها – حيث إنهم يريدون النزلاء القادرين على خدمة أنفسهم أو على الأقل من يستطيعون دخول الحمام دون مساعدة، وهو ما تعجز عنه في ظروفها المرضية الحالية.

وأضافت أنها سعت بالفعل لدخول دار رعاية كما أتى إليها بعض الأشخاص ذات مرة في مكان تواجدها على رصيف المحطة، وحاولوا نقلها لدار رعاية، لكن الأمر فشل لذات السبب، لذلك لم تعد تبحث عن الذهاب لدار رعاية، ولكن كل ما تريده الآن هو العلاج من الجلطة التي أوقفت حركة قدمها ويدها، لا تريد أن تطلب المساعدة من الناس، تريد أن تخدم نفسها بنفسها، حتى يشاء الله ويأتي يوم وفاتها.

«لما أموت الحكومة هتدفنني» كانت هذه آخر كلمات الحاجة فادية لـ«الوطن»، مؤكدة على أنها باتت تنتظر الموت لكي ترتاح من التعب والألم والتشرد الذين تعيشهم الآن، لا تريد أن تكون عبئا على أحد، وكل ما تريده العيش بسلام والرحيل بسلام.