رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

حكاية ابن بار" رافق والدته 27 عاما في غيبوبة: معجزة واتحققت

كتب: آية المليجى -

10:22 ص | السبت 14 نوفمبر 2020

منيرة بعد إفاقتها من غيبوبة 27 سنة

معجزة كاملة تحققت في عودة السيدة الإماراتية منيرة عبدالله، للحياة مرة أخرى بعد غيبوبة دامت 27 عامًا، رافقها ابنها "عمر"، الذي جسد معنى الابن البار، حين رافق والدته طيلة مدة الغيبوبة، لم يرتضى بمغادرة والدتها حتى أفاقت مرددة اسمه، بعدما صار شابًا في الثلاثينات من عمره.

قبل نحو 29 عامًا وتحديدًا في العام 1991، كانت الإماراتية "منيرة عبدالله" في الطريق إلى مدرسة طفلها 6 أعوام، استقلت السيارة مع صغيرها وعمه، وفي منتصف الطريق وقع الحادث، إصابات طفيفة طالت الجميع، بينما دخلت منيرة في غيبوبة أفاقت منها بعد 27 عامًا، وهي تردد اسم صغيرها الذي بات رجلًا في الثلاثينات.

وقع الحادث واستقر جسد "منيرة" في المستشفى، وقتها ظل الصغير "عمر" يدقق النظر لجسد والدته، لم يدرك ما أصابها، يحدثها دون إجابة وينقل لها إحساسه بالوجع دون أن تطيب آلامه، عاد لمنزله برفقة أسرته، بينما بقيت والدته في الغيبوبة، بعدما أصيبت بنزيف داخلي وضمور فالمخ جراء حادث السيارة.

شخصت حالة السيدة الثلاثينية، وقتها، بــ"الغيبوبة الخضرية"، أي أن إيقاظها غير مرتبط بوقت، فربما تمكث لسنوات طويلة في نوم عميق، هكذا أيقن الأطباء، مكتفين بالإشراف الطبي على حالتها، حتى لا تصاب بتدهور جديد: "مكنش في أمل أنها هتفوق تاني"، هكذا تحدث "عمر" عبر "واتس آب".

دارت الحياة من وراء "منيرة" فصغيرها تولت جدتيه مسئولية تربيته، يسمحان له بزيارة والدته برفقة اخواته أسبوعيًا، مرت السنوات وبلغ "عمر" أشده، وما اعتقده الأطباء نفاه الابن البار، الذي صار يرافق والدته يحكي لها تطورات الحياة، وما جناه من نجاح لم يذق حلاوته دون وجودها، طيلة فترة دراسته "كنت بحس أنها شايفني وحاسة بزعلي حتى لو ما حكتش".

وفي العام 2004 أتبع "عمر" نصيحة والده اتخذ من غرفة والدته مسكنًا له، نقل حياته إليها يراقب أحوالها بنفسه، مترصدًا لأي حركة طارئة على جسدها، يراها الشاب العشريني، أملًا في إنعاش حياتها مرة أخرى، لكن الأطباء لم يروها سوى إشارات ضعيفة دون تقدم ملحوظ: "عمري ما فقدت الأمل أنها هتقوم تاني".

مرور السنوات وبقاء "منيرة" في الغيبوبة لم يمنع نمو جسدها الطبيعي، لكن عدم الحركة أصابها بضمور في الجسم وتشوه في تقويم الأيدي والأرجل، تدهورت الحالة الجسدية للسيدة، التي أصبحت في الخمسينيات من عمرها، يقابلها الأطباء بالعلاج الطبيعي، ويبقى نجلها "عمر" متمسكًا بإيمانه الثابث بالمعجزات الربانية: "كانوا شايفين أنها حالة نادرة.. استحالة تفوق تاني".

وفي ليلة تزامنت مع العشر الأواخر من شهر رمضان، علا فيها صوت "عمر" بالبكاء والتوسل لله، وقتها حاول مقاومة النوم، ليبقى مراقبًا لوالدته، بعد إصابتها بنوبة صرع مفاجأة، استشعر منها الخوف على حياتها، لكنه لم يدرك أنها بداية المعجزة، إذ استيقظ "عمر" على صوت محشرج ينادي اسمه، في البداية ظن أنه قادم من الخارج، صار يبحث عنه، لكن المفاجأة، أن مصدره يعود لوالدته التي فتحت عيناها وظلت تردد اسمه: "المعجزة اتحققت".

فرحة عجز "عمر" عن وصفها، حين استمع لوالدته تردد اسمه بعد 27 عامًا من الحرمان، معجزة ربانية تجسدت مع والدته، الحالة النادرة التي حيرت الأطباء: "محدش توقع أنها هتقوم تاني"، لكنها استيقظت ووجدت نفسها في حياة مختلفة عما عاشته من قبل، لم تشعر بالغرابة تجاهها، فبحسب الابن، أن الحديث المتواصل معها طيلة الغيبوبة كانت تشعر به دون القدرة على التعبير: "لما فاقت قالت لنا أنها كانت بتسمعنا وتحس بينا لكنها مش قادرة تتكلم".

الصوت المحشرج للأم الخمسينية بات أكثر وضوحًا عقب مرور أسبوعين على المعجزة، التي تجلت آياتها مرة ثانية، فرغم عدم قدرة "منيرة" على الحديث بشكل صحيح، لكنها لم تنس حفظها للقرآن الكريم والأحاديث النبوية: "أمي نسيت مخارج الكلام ومواضعه.. لكنها فاكرة القرآن الكريم كويس جدًا".

إفاقة "منيرة" التي جاءت في منتصف العام 2018، تبعها رحلة طويلة من التأهيل، فهي مازالت مصابة بالشلل الحركي، لم تقو سوى على حركات بسيطة، كما أنها مصابة ببعض الأمراض الأخرى المرتبطة بدرجات الوعي والنطق.

مازالت "منيرة" في المستشفى، تستقبل زيارات أسرتها بشكل متواصل للحديث معها دائمًا عما يدور حولها، ومساعدتها في تحسن درجات النطق لديها: "رحلتنا معها طويلة.. وضعها بيتحسن وبنحمد ربنا كل يوم على معجزته معها".