رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

وفاء زوج.. "محمد" يبعث رسائل حب إلى زوجته المتوفية "كل يوم": عمرها ما زعلتني

كتب: آية المليجى -

01:31 م | الأحد 01 نوفمبر 2020

محمد مع زوجته المتوفية

قبل 14 عامًا، كان اللقاء الأول الذي جمع بين المهندس العشريني، وقتها، "محمد" و"نهال"، في جلسة تعارف رتبها أحد معارفه، جذبته بضحكتها الصافية أشعلت بداخله الحب من أول نظرة، الذي تكلل بالزواج، ذاق معها حلاوة الدنيا، أزاحت همومه وأبدلت حياته لفرح وسعادة، لكنها لم تدم طويلًا إذ فرق بينهما القدر، ورحلت الزوجة تاركة آلام الفقد تغلغل نفس الزوج الوفي، الذي ظل يبعث لزوجته رسائل الحب والاشتياق عبر "فيس بوك". 

"رسائل إلى زوجتي الحبيبة" صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، هي المتنفس الوحيد، للمهندس الأربعيني "محمد معارك"، حملت رسائل الزوج المكلوم لوفاة حبيبته، يخبرها تفاصيل يومياته، وعن إنجازته البسيطة مع صغارهما، بعدما تحمل مسؤولية الاعتناء بهما، فأصبح "الأب والأم معًا".

"كانت جميلة جدًا وحبوبة وكل الناس تحبها.. وكل عيلتى تحبها جدًا ويعتبروها واحدة منهم عمرها ما زعلتني ولا ضايقتني ولا سابت البيت"، صفات لم تسع الكلمات لحصرها، حين يتفوه "محمد" عن زوجته الراحلة، التي تعرف عليها في جلسة صالونات: "يمكن جوازنا مكانش على حب.. وتعارفنا في قعدة صالونات، لكن قدرت تديني كل الحب اللي في الدنيا".

الضحكة وقت الضيق والراحة بعد يوم ثقيل وغيرها من المشاعر التي افتقدها الزوج برحيل زوجته: "كانت دايمًا توفرلنا الراحة.. ودايمًا تدخل علينا السعادة وتهون عليا كل صعب"، ففي بداية حياتهما الزوجية، واجه "محمد" بعض الصعوبات حين فقد وظيفته، ليجد زوجته في ظهره تسانده في أزمته، لم تشعره بالضيق من تحمل المسؤولية: "وقتها عمرها ما حسستني بهم الفلوس والمسؤولية".

مواقف تتزاحم على رأس "محمد" حين يتحدث عن طيبة زوجته الراحلة، التي تجسدت في تعامله مع عائلته، وتحديدًا والدته قبل وفاتها: "كانت فاتحة البيت لعيلتي.. بتعامل أمي كأنها مامتها فعلًا.. وتقف جنب أخواتي، كانت أمهم بعد ما أمي توفت".

وفاة الزوجة جاء بشكل صادم، فمع بداية العام الجاري، شعرت وقتها "نهال" بتعب بسيط، أعراض تشابهت مع دور الإنفلونزا، لم تكشف الأشعة وقتها عن أمراض أخرى، تعافت قليلًا، وعادت لممارسة حياتها من جديد، وفي يوم خرج الزوجان كعادتهما لشراء متطلبات المنزل، وأثناء صعودها على سلم المنزل، لم تقو على الصعود جلست تستريح، لم يتخيل "محمد" وقتها، أن رحيل زوجته يأتي بهذا الهدوء: "كانت صدمة بالنسبالي رهيبة.. ماتت بين إيديا بعدما ما كانت موجودة في كل حياتي".

هكذا باغت الموت حياة "نهال"، تاركة وجع الفراق يذيب في جسد زوجها: "كنت مصدوم ومش مصدق"، وقتها رفض زياتها في المقابر كثيرًا، لم يتخيل أن التراب يحول بينه وبين لقاء زوجته: "في الأول مكنتش بحب أزورها.. عشان مش متخيل إن في حاجز بيننا.. لكن دلوقتي بقيت دايمًا أروح أحكيلها كل حاجة".

رحيل الزوجة أتبعه تحمل "محمد" للمسؤولية بأكملها، فهو بمثابة الأب والأم، لصغارهما التوأم، اللذان لم يتجاوزا الـ9 أعوام، حاول ملئ الفراغ الذي تركته، تحمل مسؤوليتهما والاعتناء بأعمال المنزل: "بقيت مسؤول عن كل حاجة وشغل البيت والأولاد.. إحنا كرجالة كنا بنستهين بشغل البيت، لكن الستات بتتحمل ما لا طاقة لنا به".

بقدر مستطاع يحاول "محمد" تعويض الفراغ الذي تركته زوجته مع أبنائهما الصغار، يصطحبهما إلى النادي ويقضيان وقتهما في المذاكرة، وبنكهته يحاول إعداد الوجبات البسيطة، لكن أحيانًا يقف عاجزًا أمام أسئلتهم: "وقت انتشار كورونا.. كان مالك بيقولي هو ربنا غضبان على العالم عشان ماما ماتت".

الكثير من التفاصيل مازال يفتقدها الزوج برحيل حبيبته، يحاول ترجمتها في كلماته ورسائله عبر الصفحة التي أنشأها على "فيس بوك"، محاولًا من خلالها رد الجميل لها ويطمئنها عن أحوال صغارها: "عملتها عشان مش لاقي حد اتكلم معاه، وكل تفصيلة كنا بنتكلم فيها وبتعوضني الفراغ اللي سابته.. وكمان كنوع من الامتنان ليها".

رسالة رومانسية تحمل معاني الاشتياق والوفاء، يبعثها "محمد" لزوجته الراحلة: "وحشتيني أنا وولادك، وبشهد قدام ربنا والناس كلها إنك زوجة صالحة بكل معنى الكلمة".