رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

حديث التنفير من الطلاق: العلماء اختلفوا حوله.. و«العامة» لجأوا إليه للحل

كتب: عبد الوهاب عيسى -

11:51 ص | الثلاثاء 31 يوليو 2018

الطلاق

يُعرّف علماء الدين، الطلاق بأنه أبغض الحلال عند الله، وفقاً لما رواه أبوداود والحاكم وصحّحه السيوطى عن رسول الله، حيث قال «إن أبغض الحلال عند الله الطلاق»، إلا أن ضعف الحديث جعل كثيرين من العلماء ينتقدونه، لأن الله لا يجعل الحلال بغيضاً، وفى المقابل يتوسّع عامة الناس والمأذونون والمصلحون فى استخدام الحديث لتقليل نسب الطلاق.

الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، أكد أن الطلاق كونه حلالاً لا يشجّع على زيادة معدلاته، لأن المسلم غير واعٍ وعياً صحيحاً شرعياً وفقهياً بخطورة الطلاق فى الإسلام، فالحديث يقول إن الطلاق أبغض الحلال عند الله، ونحن قصّرنا كعلماء بحقيقة الحكم الشرعى، مما أدى إلى التساهل فى مسألة الطلاق، فالطلاق يكون للضرر وليس للمزاج، كما يقول كمال ابن الهمام: «الطلاق محظور لما فيه من كفر بنعمة الزواج، وإنما أبيح للحاجة، والأصح حظره إلا لحاجة للأدلة المذكورة»، فالأصل فى الطلاق الحرمة، وأنه محظور، ولا يجوز إلا لضرورة. وذكر الإمام حديث طلاق النبى من السيدة حفصة، ثم أمر الله تعالى أن يراجعها، لأنها صوّامة قوّامة. وأكد الإمام الأكبر أن الخلع يكون بالضرر، فقال النبى «أى امرأة اختلعت من زوجها بغير نشوز، فعليها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».

الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، أوضح أن الطلاق من غير عذر من أبغض الحلال؛ فقال النبى «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلى اللهِ الطَّلَاقُ»، فالشرع اشترط فى المطلق أن يكون الزوج متزناً فى وقت الطلاق، لا يكون مجنوناً ولا معتوهاً ولا مُكرَهاً ولا نائماً ولا غضباناً غضباً شديداً يخرجه عن إدراكه وإملاكه، فالطلاق علاج إذا ما استحالت الحياة الزوجية، وينبغى أن يوضع فى هذا الموضع والمكان ولا يتعدّاه إلى أماكن أخرى، لأن الطلاق إنما جاء لحل مشكلات معينة، حيث يقوم الزوجان قبل الوصول إلى مرحلة الطلاق بحل المشكلات التى قد تؤدى بهما إلى الطلاق فى ما بينهما داخل نطاق أسرتهما أو يلجآن إلى حَكَمين إذا لم يستطيعا حلها، فإن استعصت الحلول واستحالت الحياة فيكون الحل الأخير هو الطلاق».

وأوضح المفتى أن الشرع وضع فى أحكام الطلاق ما يُعد بمثابة فرصة أخرى لكى يراجع الزوجان موقفهما، وتكون لديهما فرصة جديدة لاستمرار الحياة الزوجية، مضيفاً: «من بين تلك الأحكام أنه يحرم على الزوج أن يطلق زوجته فى فترة الحيض، وأنه يكون بذلك آثماً، والحكمة من ذلك أن المرأة تكون فى فترة الحيض فى حالة نفسية سيئة، كما أخبر الأطباء، فيجعل مزاج المرأة غير مهيئ لأن تتعامل فى الحياة الزوجية العادية، فتكون دوافع الطلاق أكثر فى تلك الفترة». وضرب المفتى مثلاً عندما جاء عمر بن الخطاب إلى النبى وأخبره بأن ابنه عبدالله بن عمر قد طلق زوجته وهى حائض، فقال له النبى «مُره فليراجعها حتى تطهر، فإن شاء طلق وإن شاء أمسك»، وذلك لكى يُعطى فرصة لنفسه لعله يتم الإصلاح بينهما.

ومن أحكام الطلاق كما ذكر المفتى أن تظل المرأة فى بيتها فترة العدة مع زوجها، لأن علاقة الزواج لا تزال قائمة، قال تعالى «وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِى ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً»، وأن عدة المرأة المطلقة تكون ثلاثة أشهر للمرأة الكبيرة التى يئست من المحيض، أو ثلاث حيضات للمرأة الشابة، وإذا كانت حاملاً تنقضى عدتها حين تضع حملها. وأشار إلى أن الرجل إذا لم يراجع زوجته خلال فترة العدة، فلديه فرصة أخرى ليراجعها بعقد ومهر جديدين، لأنها مرحلة جديدة أصبحت فيها المرأة أجنبية عنه، لكن الباب لا يزال مفتوحاً أمام الاثنين خصوصاً فى حالة وجود أبناء.

وقال مفتى الجمهورية: «نريد إرساء ثقافة ما بعد الطلاق، الذى يجب أن يكون فى أضيق الحدود، وأن تكون العلاقة راقية وحضارية بين الزوجين المنفصلين خصوصاً فى وجود أبناء، فالله سبحانه وتعالى يقول: (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)، وحتى لا يكون الأبناء ضحية فى هذا الطلاق، بل لا بد من أن تسير تلك الحقوق فى ما يحقق مصلحة الأبناء».

واستخدمت هيئة كبار العلماء الحديث، رغم ضعفه، فى بيانها حول الطلاق الشفهى، وطالبت المسلمين كافّة بعدم الاستهانة بأمرِ الطلاق، والتسرّع فى هدم الأسرة، وتشريد الأولاد، وتعريضهم للضّياع وللأمراض الجسديّة والنفسيّة والخُلُقيّة. وأيدت الدكتورة سعاد صالح، رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية فى جامعة الأزهر، صحة الحديث، وقالت: «الرسول قال إن الطلاق أبغض الحلال، وهناك أحكام تعترى الطلاق، فقد يكون محرماً إن كان من غير سبب، وقد يكون واجباً إن لزم الأمر بأن يكون الطريق الوحيد للحل، وقد يكون مكروهاً، فهناك فتاوى طلاق كثيرة قد يكون البعض خطأ ولا تصلح، فالله جعل الطلاق الخط الأحمر الأخير الذى نلجأ إليه لإصلاح وضع الأسرة».

الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، قال: «إن أبغض الحلال إلى الله الطلاق» حديث موجود فى كل كتب الفقه وتلقاه العلماء القدامى والمعاصرون بالقبول، وانتشر بشكل واسع، ويستخدمه المشايخ والمأذونون والمصلحون لإرجاع الزوج عن الطلاق، وتقليل نسب الطلاق فى العائلات، ورواه أبوداود وابن ماجه وصححه الحاكم، لكن الأزمة ليست فى النصوص والأحاديث، فالنصوص كثيرة، لكن الوعى بها هو ما نفتقده. وأضاف لـ«الوطن»: هناك حالة من الخلط بين صيغ الطلاق ووقوعه، فصيغ الطلاق المعروفة بألفاظ الطلاق هى الطلاق، والفراق والسراح، مع عزيمة الطلاق، قال تعالى «فإن عزموا الطلاق»، وهناك أنواع مختلفة للطلاق فهناك البدعى والسنى والصريح والكنائى، والوباء الذى يجتاح مصر على وجه الخصوص هو الحلف بالطلاق، وذلك إما للحض على شىء أو الامتناع عن شىء، مثل قول البعض «علىّ الطلاق لتفعل كذا أو إلا تفعل»، فهذا غير إيقاع الطلاق.

وتابع: «هناك فتوى للإمام على بن أبى طالب والإمام أبوحنيفة بأن من قال «علىّ الطلاق» أو استخدم الطلاق المعلق لا يقع، وقائله فاسق، لأنه استعمل ألفاظاً فى غير محلها، فمن اعتاد هذا فهو فاسق ويؤدب. وأوضح أن الحل فى مشكلة الطلاق أن تشترك جميع الجهات فى منعه، وعلى رأسها مؤسسات المجتمع المدنى المعنية بالأسرة، وهى غائبة تماماً، والتوعية المسجدية فى المساجد، فالخطب كلها رقائق وترغيب وترهيب، أما حل المشاكل الاجتماعية فغائب، ولا بد أيضاً من تدريس العهود والمواثيق، ومنها الطلاق لطلاب التعليم المدنى، ليعرفوا كيف أنها عهود مغلّظة، وقد أدى غياب فقه الأسرة عن الحياة العلمية والدعوية والواقع المجتمعى إلى ما نحن فيه».

أما الدكتور مبروك عطية، الداعية الإسلامى وعميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات، فرفض الحديث، وأكد أن الحديث ضعيف من جميع النواحى، ويكاد يصلح إلى درجة بعيدة فى الضعف، لأن الله لا يشرّع شيئاً غضب عن ذاته الإلهية أو مبغوضاً إليه، فهذا لا يصح، فلا يوجد شىء حلال بغيض، فقال تعالى: «وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً»، فلماذا أخذ معنى مخالفاً للحقيقة، فالطلاق شىء محترم حينما تكون الحياة مستحيلة». وأيد الشيخ خالد الجندى أحد كبار علماء الأزهر، «عطية»، وقال: «الحديث ضعيف، وغير صحيح، فالله لا يحب الطلاق، ويحب الزواج، الذى أصبح صعباً خلال الفترة الحالية، بسبب المطالب المادية، التى يتم فرضها، فهذا تناقض مضحك».