بينما كان مصغيا إلى روائع أحمد برِّين، المدّاح الصعيدي، مستقلا حافلة نقل عام، حتى بين طرفة عين وانتباهتها، وجد فتاة تغرد بعض الأغنيات الكلاسيكية من روائح الزمن الجميل، رائيا "الكمسري" كـ"المايسترو" يوجهها للمقامات الموسيقية، ليأخذ هاتفه ويصوّب نحوها الكاميرا لتلتفت إليه في تشجيع ويلتقط الصورة الغنائية بين الركاب، بليلة أمس.

"هن" تواصل مع حسين عبد الواحد، المصور الذي التقط المشهد وبثه عبر صفحته الشخصية على "فيس بوك"، وتلك الفتاة التي تدعى "ميرنا نادر" الطالبة بكلية الطب، جامعة المنصورة والتي غردت بأغانيها في أتوبيس نقل عام.

"15 دقيقة".. تلك المدة التي قضاها "حسين" صدفة في إنصات لسماع صوت "ميرنا"، بينما استقل الأتوبيس من منطقة حدائق القبة، حتى رغبته في الوصول إلى "السيدة نفيسة"، ويقول إن الحافلة في بداية الأمر كان بها اعتراك على نيل المقاعد، حتى تحول الأمر إلى غناء.

ويتابع: "لقيت حاجة وصوت مش طبيعي، انتبهت ليه بعد ما كنت بسمع للشيخ أحمد برين، وقبل ما أنزل احتفظت برقم هاتفها؛ للتواصل معها والعمل على إيجاد فرص لها".

فور بثه لعدة مقاطع مصورة لـ"ميرنا" وهي تغني لأم كلثوم وعبد الحليم حافظ، بجانب الغناء بالأسباني، تفاعل رواد مواقع التواصل معها، مشجعينها والبعض الآخر انتقد فعلها بكيف محجبة تغني أمام جموع الركاب.

ويوضح "حسين": "أن الأتوبيس كان بها من المنتقبات اللاتي اعترضن بنظرات غير مشجعة على غنائها، بينما 90% من ركابها بشغف طالبوا تقديم الجديد من أدائها الغنائي".

فوجئ في الليلة نفسها، بمحادثة والدتها، تبلغه بفرحتها وغير توقعها بشهرة ابنتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتروي له أحاديث أقاربها ومعارفها برؤية ابنتها وهي تغني بأتوبيس النقل العام، مؤكدة انبساطها.

يقول حسين: "أنا كنت متخيل إنها مش هتنبسط، باعتيار أن أمهات كتير بتكون متحفظة على بنتها، ولكن لقيتها واعية بالمشهد وأدركته وفرحت به".

"ميرنا"، الطالبة بالسنة الرابعة بكلية الطب، جامعة المنصورة، ذات الـ22 ربيعا، تحكي هي الأخرى تفاصيل طلب محصّل التذاكر الذي بهيئة ستيني، غنائها، وتقول: "كان زحمة جدا لدرجة إننا كنا واقفين على الباب لحد ما  قالوا اطلعوا فيه مكان، ووقفنا قدام الكمسري بالفعل، ومن الزحمة بهزر مع ابن عمي وبقوله نحدثكم الآن من محافظة القاهرة نفسها"، لينتبه "الكمسري" لها، قائلا: "أنتِ وهو شكلكم موهوبين بتغنوا؟!"، حتى أبلغته مؤكدة، ليقول لها مرة أخرى: "سمعيني".

"مادام تحب بتنكر ليه، غدا ألقاك، أهو دا اللي صار، أنت عمري، أسمر يا أسمراني" بعضا من أغنيات يعود روائحها لذكرى الزمن الجميل، غردت بها "ميرنا"، لينبهر بها الركاب، طالبين سماع الكثير، حتى غنت لساعتين ونصف الساعة من الوقت، بينما تقول إنها كانت تغني بصوت مرهق.

الصدفة قادت "ميرنا" التي جاءت من المنصورة إلى القاهرة لزيارة أحد أقاربها، وتروي محالتها في الغناء، حيث إنها اشتركت في مسابقة "mansoura got talents" حتى المركز الرابع، فضلا عن غنائها بالجامعة باللغة الأسبانية: "مش بتكلم أسباني بس علشان أحفظ الأغنية وأنطق كويس جبت فيديوهات للنطق"، فضلا عن صلة القرابة بالشاعر ضياء الكيلاني، وحب والدتها وجدتها الطرب.

تفاعل مع المنشور الذي بث "حسين" به مقاطعها الغنائية، الكثير من الرواد، ملتفتا لها الدكتورة منى البرنس، أستاذة الأدب الإنجليزي في جامعة السويس، السينمائي محمد العدل، وشخصيات كثر، دعمتها، وتقول: "أنا انبهرت، مش مصدقة"، لتؤكد داعية: "دعيت ربنا تكون فاتحة خير وربنا يوفقني، لما يحب ويرضى وانبهرت برد فعل المشاهير ﻷن صوتي مجهد والموقف كان صعب".