رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

بنتين على المقهى: "القهوة مش كباريه"

كتب: ياسمين الصاوي -

02:48 م | الأربعاء 01 مارس 2017

بنتين على المقهى...

بعد يوم طويل ومرهق جدا، ذهبت مع صديقتي رشا أحمد، مصورة فوتوغرافية، نبحث عن أحد المقاهي بحي السيدة زينب نلتقط بعض الصور الآثرية، ونحمل بعض أرغفة الفول والطعمية، طامعتين في "قعدة حلوة وكوباية شاي".

جلسنا على كراسي مقهى بسيط في حارة ضيقة بالقرب من بيت السناري الأثري، وأحضر لنا "صبي القهوجي" كوبي الشاي الساخن، تتصاعد منها الأبخرة الخفيفة البيضاء، وأعواد النعناع الطازج وكوب معدن صغير يحوي داخله حبات السكر الأبيض، أخرجنا الطعام وبدأنا نتناول وجبتنا سويا، ونتحدث عن ما حدث في يومنا.

تمتلئ كراسي المقهى ببعض الرجال كبار السن والمتقاعدين، عيونهم تتابعانا بكل سخط، وتعبيرات وجههم تحل محل الكلمات، فمثلا ترى من يشاور للآخر بعينه لينظر إلينا، ومن يبتسم في سخرية، ومن ينظر نظرات تعبر عن رفضه لهذا المشهد، حتى قرر رجل ضخم كبير السن التخلي عن صمته قائلا بأعلى صوت: "دي اسمها لا مؤاخذة قلة أدب".

منعت "رشا" من الرد على ما قيل وسمعناه جيدا، فهو لم يتكلم معنا بصورة مباشرة، وإن كان يقصد الحديث عنا بهذه الجملة، فليأتي إلى طاولتنا ويحدثنا ونرد عليه بالأدب، إلا أننا سمعناه يأمر الصبي الصغير أن يطلب منا مغادرة القهوة، لكن الصبي رفض، وأخيرا جاء إلينا هو بنفسه.

"المنظر ده عيب ومايصحش، انتوا بنات"، الجملة التي قالها بصوت قوي حكيم، فبدأنا ننظر إلى ملابسنا وطريقة جلوسنا ونتأمل أنفسنا جيدا، لترد عليه صديقتي متسائلة عن الأمر الذي يزعجه، فتكون إجابته أن مجرد جلوسنا على مقهى أمر سيئ جدا ومهين ولا يليق بالتربية والأدب والأصول.

هل أصبح التعب والإنهاك والبحث عن مقعد وتناول وجبة بسيطة "على قد الحال" أمر غير لائق للبنات؟ وهل المقهى "كباريه" يشين أخلاق البنات؟ ولو كان جلوسنا على سور في الشارع أمر عادي فلماذا الجلوس على كرسي أمر بشع؟ أسئلة طرحتها عليه ليفكر قليلا، سكت الرجل ولم يجد إجابة واضحة إلا أنه قال إن الناس ربما تتفهم الموضوع بشكل خاطئ وأن ما لا يرضى أن يقال على بنته لا يرتضيه لبنات الناس.

عبرت "رشا" عن كل الاحترام له ولكونه في مقام والدنا، وأننا سنكمل وجبتنا وندفع الحساب وننصرف، وبالفعل انصرفنا ونحن نشعر بالرغبة في الاستمتاع بأبسط حق في الحياة بدون كلام الناس.

الكلمات الدالة