رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

حكاية "دار مسنين" أسسها ألماني وترعاه راهبة في الإسكندرية

كتب: نرمين عصام الدين -

10:24 ص | الإثنين 21 أغسطس 2017

دار المسنين بالإسكندرية

جدران شاهقة، وغرف مصممة على الطراز المعماري القديم، اسم يرجع إلى "اللغة الألمانية" لا يفهمه الكثير، حكايات كثيرة تناثرت حول "الملجأ الألماني" كما يلقبه عدد من أبناء الإسكندرية، لتروي الراهبة كريستينا فخري حكاية إنشائه دورًا للمُسنين وليس ملجأ لهم.

تولت الأخت كريستينا شؤون الدار منذ 10 سنوات، بعد أن اتخذت حياتها "للرهبنة"، والخدمة الكنسية، بعد أن عملت بالتدريس بالقاهرة لـ25 عامًا: "كنت بدرّس أشغال وتربية دينية، وخدمت بعدد من الكنائس حتى انتقلت بالدير هنا منذ 13 عاما".

تروي الراهبة الستينية لـ"هن"، حكاية إنشاء "دار المسنين الألماني" بشارع السلطان حسين، والذي أُطلق عليه فيما بعد بـ"الملجأ الألماني"، واصفة ذلك بـ"المرفوض"، لأنه ليس ملجأ لأحد، بل دار رعاية للمسنين والمسنات، وغير القادرين تتم لهم دراسة حالة لدفع تكلفة أقل عن غيرهم في الإقامة.

وتقول: "اسم الدار مأخوذ من اسم العالم الألماني، بيليزاوزهايم، الذي آتى إلى مصر في ثمانينيات القرن الماضي، عندما كان يبلغ 18 عامًا وعمل بالتجارة ثم أصبح رئيسًا للبنك الوطني آنذاك، والتقى الراهبة الأخت كاتارينا شنايدر، والتي أتت إلى مصر هي الأخرى من ألمانيا لرعاية المدرسة هنا، ولكن اتفقا على تأسيس دار رعاية للمسنين بتلك الأرض، للأبد، وكتب وثيقة بخط يده لهذا الهدف".

وتضيف أن الدار منذ نشأتها تولت رعايتها راهبات، وهبن حياتهن لمساعدة كبار السن، والمحتاجين: "الدار تشرف عليها الشؤون الاجتماعية، ولكن إدارته خاصة وتمويله من أموال النزلاء، ومن أراد مساعدتنا، وهدفنا إسعادهم، ومساعدتهم في تخطي تلك المرحلة العُمرية من حياتهم من السيدات والرجل".

تنظر الدار فقط إلى الظروف الاجتماعية عند ملء النزيل الاستمارة: "في أسباب ما بين الوحدة، والسن، موجودة في الاستمارة والنزيل بيحدد سببه مجيئه، وهناك حالات غير قادرة على تكلفة الإقامة، ونحن نراعي الجميع ونستقبلهم، والرعاية الإنسانية الاجتماعية والطبية متاحة لهم".

76 فردًا بالدار، تتولى كريستينا رعايتهم: "بكون حريصة على قلة العدد في بعض الأحيان، لتوفير كل خدماتهم، والعناية بهم، ولأن كبار السن خدمتهم صعبة، فبعضهم يعاني من أمراض عدة أشهرها الزهايمر، والحياة هنا تسير بنظام يومي ومواعيد محددة للإفطار والغذاء والعشاء، ولكن لهم حرية الخروج والدخول، والتواصل مع الغير، وتكوين الصداقات، والكل هنا يحترم الآخر ويشاركه في قضاء وقت الفراغ".

تقسم كريتسينا أدوار العاملين بالدار: "هناك رجل وامرأة يتوليان الرعاية الليلية، والتأكد من قضاء خدمة كل نزيل في الأوقات المتأخرة"، متابعة بأن رجل واحد قادر على حماية الدار: "ربنا هو الحامي والحافظ، وبيتنا محفوظ من كل حاجة".

"الحب والصبر" كلمتان اختارتهما لوصف تعاملها مع كبار السن، بكل مستوياتهم من الرجال والنساء، موضحة أن الدار حصلت على مستوى متميز في برنامج "تقييم دور رعاية المسنين" وفقًا لمعايير الجودة بوزارة التضامن الاجتماعي عام 2015.

وتقول الراهبة مريم صموئيل، 37 عامًا، التي تعمل بالدار لـ7 سنوات: "أخذت قرار الرهبنة في 1999، وبنخدم بأماكن متعددة، تبعًا لاحتياج المكان لنا، وتخصصي في التمريض جعلني أخدم بأحد المستشفيات بألمانيا لـ5 سنوات، ولمستشفى الصدر بالقاهرة، وقرار الخدمة يأتي من الإرادة الشخصية ورغبة الشخص الداخلية وقدرته على تكرار روتين حياته بشكل يومي في خدمة الآخر ومساعدتهم، فهو رسالة كل راهبة".

وتتابع: "عند اتخاذي قرار الرهبنة، أهلي قالوا لي دي حياتك وأنتِ حرة فيها، واللي بيختار يبقى حابب النظام ده، ومتفرغين لشكل الحياة، ودي حاجة تفرح لمجرد بتساعديهم، وزيارة عائلتي بيتم سنويًا، بقضاء 3 أسابيع معهم".

وأكدت أن بعض النزلاء المسلمين يشاركون المسيحيين في طقوسهم: "فيه من المسلمين بيحبوا يسمعوا ترنيمات القداس، زي الحاجة نبيلة رغم عدم فهمها للكلام".

بعيون لامعة، تقول سلوى كامل، إحدى النزلاء: "جئت إلى الدار لسفر ابنتي إلى كندا، وانشغال ابني بعمله في القاهرة، فكان قرار المكوث بالدار يرجع لابنتي، ووجدت حياة هادئة، غير مملة، ومُريحة، والإنترنت وسيلة مهمة لتسلية الوقت والتواصل مع أبنائي".

وتضيف السيدة السبعينية أنها وجدت صعوبة في الالتزام بمنزلها وحيدة بعد وفاة زوجها، ما جعلها تهم بالانتقال إلى الدار منذ سنتين ونصف سنة.

في خطوات مُقبلة، تبادلها فايزة بخيت التحية، وإلقاء السلام: "عملت أخصائية اجتماعية بمدارس عدة بالإسكندرية، وتزوجت في ست الثلاثين، وأنجبت 3 أبناء، ومنذ وفاة زوجي منذ 20 سنة، قررت انتقال السكن بالدار".

بالرغم من سكنها المتلاصق جدرانه بالدار، إلا أنها قررت الانتقال إليه لشعورها بالوحدة وانشغال أولادها بحياتهم: "أنا عندي نظام بنام في 5 مساءً، ووجدت الانبساط في تبادل الحديث مع الرفيقات".

ويقول مصطفى محمد، 65 عامًا: "أصيبت بعجز في الحركة في ساق قدمي اليسرى بعدما تعرضت لحادث على الطريق، ما جعلني أفكر بالانتقال إلى هنا لخدمتي منذ 5 سنوات، بعد أن طلقت زوجتي وليس لدي أولاد".