رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

«سعاد» جاءت لعلاج ابنها من التسمم: «حبيتها وتطبعت بطباع أهلها»

كتب: آية الألفي -

12:24 م | الثلاثاء 28 أغسطس 2018

أم

لم يكن يخطر ببال سعاد محمد، 40 عاماً، أن تسمم ابنها الأصغر «الواثق بالله»، وهو فى عمر الشهرين، بعد شربه مطهراً طبياً، سيكون سبباً فى تركها منطقة رومى البكرى بالولاية الشمالية بالسودان، وقدومها لأرض مصر، والاستقرار بها: «2003 تاريخ مش هقدر أنساه لأنها كانت أول سنة ليّا فى مصر، جيت وأنا حاملة ابنى على إيدى للمستشفى وكان بداخلى مشاعر مضطربة خايفة ابنى يموت»، تروى سعاد أنها كثيراً ما كانت تأتى مع أبيها لزيارة مصر، وازداد تعلقها بها خاصة بعدما كانت مضطرة إلى زيارتها سنوياًَ ثلاث مرات لمتابعة حالة ابنها مع الطبيب المعالج إلى أن استقر بها الأمر فى برج الزهرة بحى الدقى بين عامى 2009 لـ2013، نظراً لصعوبة سفرها من الخرطوم إلى القاهرة، لتقرر بعدها الانتقال إلى مدينة الأمل فى مطار إمبابة برفقة أبنائها الأربعة وذلك بسبب ظروف المعيشة: «لما كنت عايشة فى الدقى كنت بدفع إيجار 4000 جنيه فى الشهر وكان الموضوع صعب، فالمصريين هنا نصحونى أجيب شقة تمليك أحسن»، بينما ظل زوجها بالسودان نظراً لارتباطه بمكان عمله كصيدلى هناك، ولكنه يأتى لزيارتهم بالقاهرة كل ثلاثة أشهر للاطمئنان عليهم.

 

أم الواثق بالله: المصريون جدعان وصبورون وتقاسموا معى تربية أولادى.. وأتمنى زيارة الأقصر وأسوان 

توضح سعاد، نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة الصحة والشفاء الخيرية، أنها عانت فى البداية من عدة مشاكل عندما جاءت إلى مصر، أولها خوفها من كونها بلداً غريباً عليها: «أول ما جيت كنت متوجسة وخايفة عشان بلد جديدة عليّا، ولكنى لمست الأمان فيها وفى شعبها»، كما شكلت لهجتها السودانية عائقاً آخر بعد أن لمست صعوبة فى التواصل، بالإضافة إلى عدم معرفتها بالطرق والأماكن، الأمر الذى تسبب فى استغلال بعض سائقى التاكسى لها فى البداية: «قعدت سنة فى الأزمة دى لحد ما أخدت على الجو وحفظت الأماكن والشوارع والمواصلات»، وعلى المستوى التعليمى فقد واجهت هى وأبناؤها أزمة فى تسجيل الوافدين ونظم الدراسة: «تسجيل الوافد هنا لما ييجى يقدم على المدرسة أو الجامعة بيتأخر وده ممكن يضيع سنة من عمره، غير إن نظام الدراسة ما كانش مفهوم فى الأول وبالتالى ده كان عامل أزمة»، متمنية أن تحل تلك الأزمة عما قريب، يدرس ابنا سعاد فى جامعة القاهرة بكلية الطب، أما البنتان فقد تخرجتا فى نفس الجامعة بعد دراستهما للصيدلة: «إحنا عيلة بنحب جامعة القاهرة وبنحب الطب، زوجى كمان صيدلى»، وعلى قدر الأزمات التى مرت بها العائلة فى البداية إلا أنها لمست العديد من المزايا منها علاقة المودة والمحبة بينها وبين جيرانها: «كنت بحس إنى دايماً فى بيتى التانى وبسيب الأولاد معاهم ومش خايفة عليهم، ويعتبروا اتقاسموا معايا التربية وشالوا عنى حمل كبير وما حسيتش إن أبوهم مش موجود»، مؤكدة أن الشخصية المصرية صبورة وجدعة بطبعها.

تقارن سعاد تكاليف المعيشة فى مصر، بنظيرتها فى السودان، فتقول إنها قليلة، بجانب توافر درجة من الرفاهية فى وجود الخدمات والمواصلات التى تسهل الانتقال من مكان لآخر، بالإضافة إلى الانضباط واحترام المواعيد وخصوصية الغير، وشمل هذا الاختلاف ثقافة المظهر أيضاً: «لما استقريت هنا مع أولادى شوية، طريقة لبسنا بدأت تتغير وبقيت ألبس بنطلون وقميص وألف الطرحة زى المصريات، وبقى اللبس التقليدى مقتصر على المناسبات فقط»، ولا تنسى أن المرأة فى السودان يمكن معرفة وتمييز سنها ونوع المناسبة والطبقة الاجتماعية التى تنتمى لها وفقاً لخامة اللباس التقليدى الذى ترتديه، أما بالنسبة إلى طقوس يومها المعتادة فقد اختلفت كلياً، فبعدما اعتادوا نمط حياة معيناً كالاستيقاظ مبكراً وتناول شاى الصباح مع المقبلات قبل الفطور والالتزام بمواعيد محددة للطعام، تغير هذا الوضع فور وصولهم مصر: «احنا عندنا لازم يكون فيه ثلاث وجبات رئيسية فى اليوم، لما جينا هنا الموضوع اقتصر على الفطار والغدا بس واتطبعنا بطبع المصريين وبقينا نمشى ناكل فى الشارع زيهم مع إن ده كان عيب عندنا لكن هنا فيه سلاسة أكتر».

وعلى اختلاف نمط الحياة اختلفت الأكلات أيضاًَ: «المصريات أساتذة وفنانات محترفات فى الطبخ»، هكذا وصفت سعاد طعام المصريات، حيث إن طريقة الطبخ فى السودان تعتمد على البهارات كشىء أساسى داخل الطعام، بينما وجدت فى المحروسة أنواعاً مختلفة وغريبة من الأكلات التى استطاعت أن تتعلمها مع الوقت، كالكشرى والممبار والمحشى بأنواعه: «أخدت وقت عشان أتعلم محشى ورق العنب لكن للأسف ما بعرفش أعمل محشى الكرنب».

أما بالنسبة لطقوس الأعياد والمناسبات فلم تختلف كثيراً عن مصر بحسب كلامها، مشيرة إلى أن لكل عيد احتفالاً خاصاً به، ويكمن الاختلاف فى طبيعة العيد نفسه وليس طريقة الاحتفال به، كعيد الاستقلال حيث تتجمع الجالية السودانية فى بيت السودان بمنطقة السيدة زينب بالزى التقليدى الخاص ببلدهم ومن ثم يبدأ الاحتفال على الموسيقى والأنغام السودانية ويتبادل الأفراد أطراف الحديث، أما بالنسبة لباقى الأعياد فتتشابه الطقوس لحد كبير: «أغلب الأعياد بنحتفل زيكم، يمكن اللى بيفرق عنكم فى عيد الأضحى إننا عندنا مشروب التمر ده لازم يتعمل قبل العيد بيومين عشان يهضم اللحمة اللى بناكلها، وكمان بنشويها على الجمر على طول». «مصر كلها حلوة ونفسى أزور الأقصر وأسوان جداً».. اعتادت سعاد أن تقوم برحلة كل شهر برفقة أبنائها، تستمتع فيها بزيارة أكبر عدد من الأماكن داخل القاهرة وخارجها: «زرنا أماكن كتير زى الأهرامات وبرج القاهرة والنيل طبعاً ولفينا أغلب المحافظات، لكن أكتر خروجة حبيتها كانت القناطر الخيرية».