رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

من هي دولت فهمي بطلة شخصية هند صبري في كيرة والجن؟.. قبرها ما زال مختفيا

كتب: سلوى الزغبى -

12:16 م | الأربعاء 13 يوليو 2022

دولت فهمي الحقيقية التي جسدت هند صبري شخصيتها

حكاية دولت فهمي لا يليق بها غير أن تُحكى وتجسد على الشاشات الكبيرة والصغيرة، ترويها الأمهات قبل النوم، ويحكيها المعلمون في المدارس، فلا نحتاج لنسج خيال يصنع أبطالا، فهنالك حكايات غاصت في الواقع حتى اعتبرتها خيالا لا يمكن أن يكون عاشه إنسان، مثل قصة «القديسة» أو «عذراء الحرية» كما كان يطلق عليها، فمَن هي دولت فهمي التي جسدت شخصيتها الفنانة هند صبري في فيلم كيرة والجن؟، المأخوذ عن رواية 1919.

من هي دولت فهمي التي جسدت شخصيتها هند صبري؟

قبل أعوام وأعوام، نادى مصطفى أمين أن يكون لـ دولت فهمي، ناظرة مدرسة الهلال الأحمر للبنات، موضوعا لفيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني يستمر لعدة حلقات، واعتبر أن الدنيا قد نستها وأن كتب التاريخ أغفلتها، حتى أهلها رفضوا الاعتراف بها، بينما كتب عنها فصلا كاملا تحت عنوان «دولت فهمي التي لا يعرفها أحد» ضمن الشخصيات المؤثرة في التاريخ المصري من النساء في كتابه «مسائل شخصية».

تبدأ الحكاية عند عبد القادر محمد شحاته، الطالب بالمدرسة الألمانية الثانوية، والذي كان يصغر دولت فهمي بعامين، وقرر أن يتخلص من محمد شفيق باشا بعد موافقته على أن يكون وزيرا للأشغال والحربية والبحرية والزراعة في الحكومة البريطانية في مصر، ليطاوع الجهاز السري، الذي كان يدير ثورة 1919، فيما يريد، ولكن يشاء القدر أن تفشل العملية ويهرب عبد القادر ليعثر عليه الإنجليز ويقدمونه للمحاكمة أمام النائب العام، ومارسوا كل الضغوط عليه ليعترف من وراء فعلته، والسؤال الأهم أين كان يبيت عبدالقادر في الليلة السابقة لارتكاب محاولة الاغتيال، وهما السؤالان اللذان لم يجب عنهما عبدالقادر، إلا أن الأخير كانت دولت فهمي هي حبل النجاة فيه وهو نفسه الحبل الذي التف على رقبتها حتى أرداها قتيلة.

دولت فهمي ضحّت بسُمعتها ونساها التاريخ

«شخصية غامضة وكتومة ودائما هناك حاجز بينها وبين الناس، قوية وصعيدية ومسيحية، هي شخصية حقيقية ورمز لبداية الحركة النسوية في مصر والتي انتشرت في كل العالم العربي».. ذلك كان حديث هند صبري عن دولت فهمي، التي جسدت شخصيتها في فيلم كيرة والجن، وهو لم يختلف عن اللقاء الأول الذي جمع عبدالقادر بدولت فهمي، حينما دخلت تعانقه بكل حميمية وهي تؤكد أنه عشيقها وحبيبها وكان يبيت عندها في الليلة السابقة لتنفيذه محاولة الاغتيال، ليندهش عبدالقادر من الفتاة الفاتنة، التي وصفها مصطفى أمين بأنها كانت «رائعة الجمال، ممشوقة القد، ثابتة الخطوات ترتدي حبرة سوداء، وعلى وجهها برقع أبيض شفاف لا يخفي أنفها الصغير الفتان، ولا أسنانها اللؤلؤية، ولا شفتيها شديدتي الإحمرار، وفي عينيها سحر هاروت وماروت، وفي وجهها براءة غريبة وخصلة سوداء من شعرها تخرج من الحبرة السوداء».

لم يسمع عبدالقادر عن دولت فهمي قط إلا من خلال خطاب مهرب إليه في الزنزانة من الجهاز السري يخبره بأن يثبت ولا يبوح بشيء وأن دولت فهمي ستأتي إليه، ورغم ضغط النائب العام والضباط على دولت بألا تقول إنه عشيقها وحبيبها خاصة أنها امرأة صعيدية وهذا سيضر سمعتها إلا أنها أصرت على أقوالها.

دقائق معدودة هي التي جمعت عبدالقادر بدولت فهمي، لكنها كانت كافية ليحفر اسم دولت في زنزانته بعد تخفيف حكمه من الإعدام لأشغال الشقة المؤبدة، فيحلم باليوم الذي يخرج ويحتضن فيه دولت ويعترف لها بأنه أحبها من بضع لحظات وأنه سيكون ملتزما داخل السجن حتى يقضي فترة عقوبة 15 سنة فقط فيخرج وهو عمره 36 عاما ويكون عمر دولت 38 عاما، فيتمكّن من زواجها، فلا بد أنها تحبه كما يحبها، حتى جاءته البشرى بعد أربعة أعوام فقط من سجنه، بنجاح ثورة 1919 وأمر رئيس الوزراء وزعيم الثورة سعد زغلول بالإفراج عن المسجونين السياسيين.

رحلة بحث عبدالقادر عن دولت فهمي: الجميع أنكرها

وفي 11 فبراير سنة 1924، خرج عبدالقادر إلى النور، ولكنه ظل يبحث أولا عن ملهمته ورفيقة سنوات الحبس، وتوجه إلى مدرسة الهلال الأحمر للبنات ليقابل الناظرة دولت فهمي، فلا يجدها ولا تعرف الناظرة الجديدة عنها شيئا منذ أن غادرت المدرسة قبل 4 سنوات، فيشب القلق في صدره، وظل يبحث عن مسكنها ليعرف أنها من قرية صغيرة في مديرية المنيا فيذهب إلى هناك، ليتفاجأ بكل الأهالي يخبرونه بقول واحد: «لا نعرف من هي دولت فهمي»، حتى عمدة القرية ومأذونها وحتى شقيقها الذي طرق عبدالقادر بابه ليخبره أنه لم تكن له أخت أبدا اسمها دولت فهمي، لا أخت شقيقة ولا غير شقيقة، وحينما عاد إلى القاهرة ليسأل عنها زعماء الجهاز السري للثورة فطلبوا منه ألا يسأل عنها.

وبعد بحث أخذ من عبدالقادر الكثير، علم أن كاتب التحقيق في النيابة كان من نفس قرية دولت، وأنه ذهب إلى أهلها في المنيا وأبلغهم باعترافها بأنها كانت عشيقة لذلك الطالب وأنه كان يبيت كل ليلية في بيتها، ولم يصدقوه حتى سافروا معه ورأوا ورق التحقيقات وإمضاء دولت، ليذهبوا إليها ويخبرونها بأن خالتها توفيت في حادث قطار ويجب أن تسافر معهم، فتذهب بنية سليمة ويذهبوا بها إلى المقابر لزيارة قبر خالتها وهناك يتكالبون عليها وانقضوا عليها بالخناجر والسكاكين وذبحوها، وعادوا سعداءً إلى بيوتهم، شاعرين بأنهم غسلوا عارهم، ولم يتصورا أنهم قتلوا قديسة، لينهي مصطفى أمين حكايتها في كتابه، بأن عبدالقادر عاش عمره كله يبحث عن قبر لدولت فهمي إلا أنه لم يجد.

سوسن بدر سبقت هند صبري في تقديم قصة دولت فهمي

لم يكن فيلم كيرة والجن أول مَن قدم شخصية دولت فهمي على الشاشة، ولكنه الأول سينمائيا ببطولة هند صبري للشخصية، ولكن في العام 1987 جسدت شخصيتها سوسن بدر في السهرة التلفزيونية التي كانت بعنوان «دولت فهمي التي لم يعرفها أحد»، وشاركها البطولة ممدوح عبدالعليم وكانت من إخراج إنعام محمد علي والسيناريست كان عصام الجنبلاطي.