رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

كفيفة تفوقت على المبصرين.. «عبير» تشكو التنمر وترك العمل بسبب الشفقة: بحلم أكون مذيعة

كتب: غادة شعبان -

11:32 ص | الخميس 02 سبتمبر 2021

عبير عرابي

تتحسس محيطها بأناملها الصغيرة، تحفظ أماكن الأشياء وتتذكرها بعناية ودقة، تُميز الأصوات من حولها، تتحدث مع أصحابها بثقة، وكأنها تراهم وجها لوجه، رغم فقدانها حاسة البصر، إذ تجعل من يتعامل معها يشعر أنها تحفظ ملامحه، تستطيع ببراعة مذهلة تمييز حالة الشخص المزاجية، وتعابير وجهه كأنها تراه، بذكاء شديد وإحساس لا يخيب، تتغلب الشابة عبير عرابي، على إعاقتها بعزيمة وإرادة تفوق المبصرين.

عند منتصف العشرينات من عمرها، تعيش «عبير» حياة لا تخلو من الطموح، رغم أن القدر شاء أن تولد كفيفة، إلا أن فقدان نعمة البصر لم يمنعها من تحقيق الأحلام، التي حُفرت في ذاكرتها منذ نشأتها في مدينة القناطر الخيرية، حتى تخرجت في كلية الآداب قسم التاريخ، وزاد طموحها لاستكمال الدراسات العليا والدكتوراه، والسعي وراء النجاح في الحياة العملية، مثلما حدث في الحياة العلمية.

داخل مدرسة مصطفى عساكر النموذجية للكفيفات، بمدينة الشروق، تلقت الشابة العشرينية تعليمها ما قبل الجامعي، وبمساعدة والديها نجحت في تغيير نظرة المجتمع للمكفوفين وأصحاب الهمم، إذ واجهت التحديات والصعوبات بإصرار كبير، في رحلة مليئة بالكواليس والمواقف الصعبة.

معاناة تعلم طريقة برايل

كان والداها العين التي تبصر بها، إذ كانا يشقان طريقا صعبا، حتى تصل ابنتهما لمرادها، إذ تقول عبير لـ«هن»: «مدرستي كانت في الصحراء، والدي ووالدتي كانوا بيصحوا من الفجر، علشان نوصل للشروق، وبمساعدتهم ومساعدة المدرسين، قدرت أتعلم طريقة برايل في الصف الأول الإبتدائي».

حلم وتهكم ومواجهة

النظرة المجتمعية التي كانت تعاني منها الشابة العشرينية، قوت قلبها وعزيمتها في النجاح والتميز على زميلاتها المبصرات، حتى تخرجت في المرحلة الثانوية بمجموع عالٍ، أهلها لدخول كلية الآداب جامعة القاهرة: «كانت بداية تحقيق الحلم دخولي الكلية».

رغم الفرحة التي غمرت «عبير» في البداية، إلا أنها سرعان ما تبدلت إلى حزن، بسبب التعامل معها من قبل الآخرين، إذ كانت تبكي بالساعات، بسبب الكلمات المتهكمة عليها: «محدش كان بيتعامل معايا، ولا بيعديني الطريق، وبفضل فترة علشان أشرح للناس إني مابشوفش».

تخرجت «عبير» من الجامعة، والتحقت بالدراسات العليا للحصول على الماجيستير، لكنها ما تزال تتذكر اليوم الأول لها داخل المدينة الجامعية، كإنه حدث للتو، من صعوبة الموقف: «فاكرة أول يوم ليا في المدينة، قعدت أبكي 6 ساعات، وقفت أكثر من ساعة، علشان أطلب من حد يساعدني».

كلمات التنمر والسخرية، ربما لم تستطع الفتاة العشرينية، الرد عليها في بداية الأمر، كونها كانت تمثل صعوبة كبيرة عليها: «كنت بسمع كلام صعب وقاسي من البعض، زي أنتي ماشية لوحدك ليه، أهلك سايبينك كدة ليه»، إلا أنها في النهاية استجمعت قواها، وقررت الرد بجملة واحدة: «أنا زيي زيكوا مش بشوف لكن بحس».

واجهت التنمر بالتفوق وكسب الاحترام

تحديات وصعوبات عديدة، واجهتها الشابة العشرينية داخل الكلية، بسبب عدم توافر الكتب بطريقة برايل، وحاولت التغلب عليها بمساعدة زميلاتها المبصرات: «خدت وقت كبير علشان أكسب احترام الدكاترة، وزمايلي كانوا بيذاكرولي أو واحدة تسجل الجزء الخاص بالامتحان ريكورد وتبعتهولي، وفي الامتحانات كنت بكتب على الكمبيوتر».

مشكلة كبرى واجهتها «عبير» أثناء الماجيستير، وهي صعوبة التواجد باستمرار داخل المكتبة، للحصول على المراجع التي تريدها: «حاولت أحل المشكلة من خلال آلة كاتبة، بسمع المحاضرات وأدونها فيها، وحصلت على الامتياز في النهاية».

تركت 4 وظائف رفضا للشفقة

انتقال «عبير» إلى بيئة العمل، لم يكن سهل عليها، إذ عملت في 4 أماكن وتخصصات مختلفة، لكنها كانت تتركهم بسبب التعامل معها من باب الشفقة، واستغل البعض ظروفها، بعدم إعطائها مستحقاتها المادية نظير العمل: «مفيش شركات بتقبل المكفوفين، إحنا مش معاقين، اشتغلت في شركة أدوية وتركتها، بسبب المعاملة السيئة، وشركة لتصنيع الخشب، ومهمتي التسويق الإلكتروني والتعامل مع المصانع وشركات الديكور، ودي كانت من أكتر الأماكن اللي تعاملوا معايا على إني متحدي إعاقة، ولست معاقة، بيحترموني وبيقدروني وبيشاركوني الرأي».

نفسي أكون مذيعة كرة قدم

وعن طموحات الشابة العشرينية، تقول:«نفسي أشتغل مذيعة كرة قدم، لإن فيها رسائل كتير، وأن الناس يقدروا يقوموا ويواصلوا نجاحاتهم، ونفسي أعمل مركز إعلامي، الناس تتعلم فيه أخلاقيات المهنة وعدم الانحياز».