رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

المفتي: حل المشكلات الزوجية بالضرب وإبراز السلبيات مسلك الضعفاء

كتب: سعيد حجازي وأحمد الشرقاوي -

05:30 ص | السبت 12 ديسمبر 2020

شوقي علام

قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، خلال لقائه  في برنامج "نظرة" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عرض على فضائية صدى البلد، اليوم الجمعة: نحن في حاجة ماسة وشديدة إلى إدارة حضارية للخلاف الأسري؛ لأن هذا الخلاف الأسري هو ظاهرة موجودة وواقعة لا يمكن أن تنفك عنها أسرة سواء حصل الخلاف بنسبة كبيرة أو بنسبة صغيرة، لكن الأسرة الذكية والرشيدة والعاقلة هي التي تستطيع أن تحتوي هذه الخلافات وتميتها في مهدها".

وأوضح أن القرآن الكريم يرشدنا في مراحل وعظية ومراحل تأديبية ويبين لنا طريق الصواب في التعامل مع الخلافات الأسرية، فيحدد لنا أول هذه المراحل وهي الوعظ وتحتاج إلى لين جانب وليس استعلاء من كلا الزوجين، ثم مرحلة الهجر وتهدف لاتّخاذ موقف صارم وليس ترْك البيت لأنه تصرف خاطئ، فترْك أي طرف للبيت ما هو إلا تصعيد للمشكلات؛ حتى أنه من رحمة الإسلام يطلب الله عز وجل بعدم إخراج المرأة المطلقة من بيتها إلا بعد انقضاء العدة، ثم يأتي الضرب ويمثل رمزية ويجب أن يفهم مدلوله وكيفيته وفقًا للمسلك والنموذج النبوي الشريف في التعامل مع زوجاته، فتقول السيدة عائشة رضى الله عنها وعن أبيها: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا من نسائه قط، ولا ضرب خادمًا قط، ولا ضرب شيئًا بيمينه قط إلا أن يجاهد في سبيل الله"، بل ومغاير لمنهج الصحابة رضوان الله عليهم كما ثبت عن سيدنا عمر رضى الله عنه، فقد صبر على خلافه مع إحدى زوجاته باستحضاره لإيجابياتها وفضائلها.

ولفت مفتي الجمهورية النظر إلى أن حل المشكلات الزوجية  بالضرب وإبراز السلبيات هو مسلك الضعفاء وغير المنصفين الذين لا يديرون الأسرة إدارة حسنة، فضلًا عن تعارضه مع الميثاق الغليظ، فضلًا عن أنه من غير المحبب استعمال الضرب حتى ولو كان يسيرًا.

وأكد  المفتي على أن العنف الأسرى يتعارض مع مقاصد هذه الحياة الخاصة في طبيعتها حيث مبناها على السكن والمودة والرحمة، بل يُهدِّد نسق الأسرة بإعاقة مسيرتها وحركتها نحو الاستقرار والأمان والشعور بالمودة والسكينة، ومن ثَمَّ تحويلها لتكون موطنًا للخوف والقلق والشجار المستمر ونشر الروح العدوانية، فضلًا عن مخالفة هذا العنف لتعاليم الإسلام؛ فقد حث الشرع الشريف على اتّباع الرفق ووسائل اليسر في معالجة الأخطاء".

 

وأردف مفتي الجمهورية قائلًا : " إن مسئولية الزواج هي مسئولية مشتركة بين الزوجين، فقد حث الشرع الشريف المسلمين كافةً على ضرورة تحمل المسئولية في كل شئونهم، ولم يفرق بين أحد وأحد، بل وضع كل واحد أمام المسئولية المنوطة به؛ كل حسب قدراته ووظيفته في الحياة؛ فكل فرد مسلم يعتبر راعيًا ومرعيًّا في وقت واحد، عليه واجبات يجب أن يؤديها لأهلها، وله حقوق يجب أن تؤدى إليه؛ وقد جُمع كل ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده ومسئول عن رعيته، وكلكم راعٍ ومسئول عن رعيته»، وجاء تعميمه صلى الله عليه وسلم في بداية الحديث بقوله: «كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته»، وفي آخره أيضًا: «وكلكم راعٍ ومسئول عن رعيته»؛ تأكيدًا على تلك المسئولية.

ولفت  النظر إلى أن الرجولة أو القوامة تعني مسئولية الرجل عن الأسرة المكونة من الزوجة والأولاد إن وجدوا، فهي لا تعني تسلطًا واستعلاءً، بل تعني قيامًا على الحق وعدلًا في تولي الأمر، وكل ذلك يدخل في مضامين المسئولية والولاية؛ فمفهوم القوامة الزوجية وحقائقها يدور حول قيادة الأسرة وضبط أمورها وانتظام شئونها في رشد ووعي استحضارًا وامتثالًا للنموذج النبوي الشريف.

 

وأضاف  المفتي أن عدم استحضار أهمية الحقوق والواجبات المتبادلة للزواج ذلك الميثاق الغليظ هو من أهم أسباب فشل العلاقة الأسرية في الخمس سنوات الأولي في معظم حالات الطلاق، فضلًا عن السماح للعصف ببيت الزوجية نتيجة التدخلات الغير منضبطة من أهل الزوجين أو من مواقع التواصل الاجتماعي مما يبين عدم الاستعداد الجيد لهذه المرحلة الجديدة؛ لذا فنحن نجزم بأهمية التوعية والاستعداد للحياة الزوجية فقد أدركنا في  دار الإفتاء المصرية أن قضية الطلاق لا تعد مشكلة اجتماعية وحسب بل هي بمثابة قضية أمن قومي ولذا أنشأنا منذ سنوات في 2014م بدار الإفتاء المصرية وحدة الإرشاد الأسري بالتعاون مع الجهات المعنية ومنها وزارة التضامن الاجتماعي على مدار سنوات وبرعاية قيادتها طوال هذه السنوات.

وأشار فضيلته إلى أن الميثاق الغليظ للزواج يقتضي الامتزاج بين الطرفين وأن يحفظ كل من الزوجين سر الآخر وأن يكون ساترًا لعيوبه كما يكون ساتراً لعورته مصداقًا لوصف الله عز وجل ذلك بقوله: "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ" (سورة البقرة 188).

وأضاف مفتي الجمهورية أن الزواج هو آية من آيات الله فقد جمع الله بين شخصين مختلفين في البيئة والفكر والثقافة والطباع وإن كان هناك تشابه في بعض الجوانب إلا أنه ليس تماثلا تاما فهذا من آيات الله فيقول الله عز وجل: " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "(سورة الروم 21).

وقال فضيلة المفتي: "ينبغي أن يتحمل كل من الزوجين هفوات الآخر وأن يصبر عليه ويتسامح على الزلات وتوافه وعظائم الأمور ويلتمس الأعذار، بل ويعمل على إيجاد الوسائل التي تخلّص الطرف الآخر من المتاعب لتحقيق السكن والمودة، وهذا من مقتضيات الميثاق الغليظ".