رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

الحسد يقلب حياة "هند".. فقدت وظيفتها وأُصيبت ووالديها بالسرطان

كتب: آية المليجى -

08:36 م | الإثنين 29 يونيو 2020

هند زبادي

على سبيل المزاح والفضول، أنشأت هند زبادي حسابا عبر تطبيق "صراحة"، تلقت ما أسعدها من رسائل إيجابية، غير أن هناك رسالة واحدة تسمرت أمامها الفتاة العشرينية؛ بعد ما قرأته من كلمات مجهولة المصدر حملت الحسد والغيرة، وما هي إلا شهور قليلة وتبدلت الأحوال، وانقلبت حياتها رأسًا على عقب.

قبل قرابة الـ4 أعوام، كانت "هند" تعمل مضيفة جوية بإحدى شركات الطيران، ونمط الحياة كان يسير بشكل هادئ، خصوصًا بعدما خُطبت واستعدت للدخول إلى قفص الزوجية، غير إن الأمور كلها تغيرت، فبعد أشهر معدودة من تلقيها الرسالة المجهولة؛ دخلت في دوامة شرسة لمحاربة المرض الخبيث الذي أصابها ووالديها.

"فجاءة لقيت رسالة جيالي فيها كلام بأن ربنا إداني كل حاجة ومبسوطة في حياتي.. معرفش مين اللي بعتها بس اتصدمت أوي منها" هكذا روت الفناة العشرينية لـ"هن" ما تلقته، لم تلتفت في البداية لكن مع مرور وقت قصير بدأت المشاكل تنشأ مع خطيبها، حتى شعرت بعدم الارتياح إليه، فكان قرارها فسخ الخطبة رغم محاولة أسرتها تهدئة الوضع، متابعة: "ومن هنا بقى بدأت الحياة تتلغبط".

فضلت "هند" السفر قليلًا حتى تهدئة نفسها، أحبت تأدية مناسك العمرة واللجوء إلى الله، لكن مكالمة هاتفية من أسرتها أدخلت القلق في نفسها، خشية من مكروه ربما يكون أصاب أحد أسرتها، فعادت على الفور لتدرك إصابة والدتها بورم خبيث في ذراعها الأيمن.

صدمة كبرى عاشتها الفتاة العشرينية، أصبحت كمن فقدت عقلها، تطرق أبواب الأطباء، آملًا بأن تتبدل نتيجة الأشعة الخاصة بوالدتها، لكن الورم الخبيث استقر في مكانه، وفي الوقت ذاته باتت ضغوط العمل تلاحق "هند" لتقرر الاستقالة والتفرغ لرعاية والدتها. 

استئصلت الأم المرض الخبيث، وسارت على خطوات علاجها برعاية ابنتها التي بدأت تذوق حلاوة الدنيا من جديد، بعدما عادت لوظيفتها المفضلة في شركة طيران جديدة: "كنت بمضي العقد الجديد تاني يوم عيد ميلادي.. وقولت الحمد لله الدنيا هترجع تظبط معايا".

تعرفت "هند" على زميل لها في شركة الطيران، تبادلا نظرات الإعجاب ومن ثم التعارف الذي انتهى بخطبتها من جديد، لكن السعادة لم تدم طويلًا، ليقطعها الورم الخبيث الذي أصاب خطيبها: "خطيبي جاله ورم في المخ.. ودي كانت الصعقة ليا كل اللي كان قريب مني بيتأذي".

رفضت الفتاة العشرينية الابتعاد عن خطيبها، وانخرطت في الدائرة المؤلمة من جديد بصحبته، وتعاهدت معه على حلو الحياة ومرها، ورافقته هذه الفترة المؤلمة، ما أصابها بشيء من التعب، لم تنتبه إليه في البداية. 

حينما التحقت "هند" في شركة الطيران الجديدة، أثبت الكشف الطبي بقلة صفائح الدم لديها، ما جعلها تمارس مهنتها تحت الملاحظة، حتى ذهبت لأحد الأطباء المتخصصين في أمراض الدم، لكنها لم تهتم لحديثه، فانشغلت أكثر بما أصاب خطيبها.

ظلت على تلك الحالة حتى شعرت بإعياء شديد أصابها بفقدان الوعي، أثناء إحدى الرحلات الجوية: "كنت بتشاهد وحسيت إن روحي بتطلع"، ومنذ هذا التوقيت وبدأ القلق ينتاب حياتها، لتقرر الذهاب إلى الطبيب مرة أخرى.

الأمور في مخيلة "هند زبادي" لم تتعد كونه إرهاق بسيط، لكن أحاديث صادمة باتت تتلقاها من الأطباء، ما بين ضرورة استئصال الطحال والإصابة بالتهاب في الأذن والحنجرة، لتدخل الفتاة في دوامة بين عيادات الأطباء، حتى انتهى بها المطاف إلى إجراء عملية بذل للنخاع. 

"حالتي بقت تسوء كل يوم عن اللي قبله".. لمدة شهور ظلت "هند" محاطة بالتشخصيات الخاطئة، لتدرك بعد ذلك حقيقة إصابتها بسرطان الدم، وتتحول الفتاة من الداعم لكل من حولها إلى المصابة بالمرض الخبيث ذاته: "كنت مصدومة ومش متوقعة".

أغلقت الأنوار في وجه "هند" حينما أدركت الخبر المفزع، غير أنها قررت أن تكون الداعم الأول لنفسها، فاختارت فسخ الخطبة وبدء مشوارها العلاجي، لكن مفاجأة أكثر قساوة من إصابتها بالسرطان كانت في انتظارها: "قبل ما أبدأ علاجي عرفت أنه ممكن مخلفش تاني، كانت أكتر حاجة صعبة مرت عليا، وحاولت أعمل تجميد بويضات لكن معرفتش".

آخر يوم في عام 2019، تاريخ لم تنسه "هند" ووصفته باليوم الأصعب في حياتها، حينما دخلت المستشفى ومكثت اليوم الأول بها: "دخلت غرفة العزل ومكنش ليا زيارات خالص، وحسيت أني في عذاب القبر".

جلوس "هند" بمفردها في المستشفى جعلها تعيد حساباتها من جديد، خصوصًا بعدما شعرت باقتراب الموت: "افتكرت أنه كله هيمشي وهيتفضل أعمالي.. آيات قرآنية كتير كانت قدامي.. منها وكلهم ءاتيه يوم القيمة فَردا".  

بدأت "هند" جلسات العلاج الكيماوي قبل أشهر، وعاشت لحظات موجعة، لكن سرعان ما تبدل الألم بفرحة التغير الإيجابي في حياتها: "تجربتي مع الكانسر غيرتني للأفضل.. بقيت ملتزمة في كل الصلوات حتى النوافل.. وبقيت قريبة من أهلي كلهم بسأل عليهم".

ما زالت تواجه "هند" المرض اللعين الذي أفقدها شعرها: "شعري كان بيقع قدام عيني وأنا واقفة في المرايا، مجرد ما أحط إيدي على شعري يقع، لكن الدكاترة كانوا بيهونوا عليا كل صعب".

وفي وسط محاربة "هند" للمرض الخبيث، انتقل أيضًا إلى والدها: "والدي كمان جاله كانسر في الكلى، وعملنا استئصال للورم والحمد لله كان لسة في أولى المراحل وقدرنا نسيطر عليه".

"المؤمن دائمًا مصاب، والأنبياء كلهم ربنا ابتلاهم على قد صبرهم وإيمانهم بالله".. هكذا ألقى والد "هند" كلماته ليزرع بداخلها الطمأنينة بقضاء الله: "ربنا هيرفع درجاتنا".