رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

"شر وأهلنا غصبونا عليه".. ضحايا الختان يتحدثن عن يوم مفزع في حياتهن

كتب: روان مسعد -

01:04 م | الأحد 14 يونيو 2020

ختان الإناث

قبل 13 عامًا، وتحديدًا في مثل هذا اليوم، فارقت الطفلة "بدور" الحياة بأنفاس منكهة بعدما خضعت لعملية "الختان"، عادة رسخت في أذهان أجيال من الأسر تحت مسمى "عفة البنت"، لتواجه بعد ذلك لأخطار نفسية وجسدية، وربما تصل لحد الوفاة مثلما حدث مع "بدور"، التي رحلت وحولت ذكراتها لليوم الوطني للقضاء على الختان.

ورغم رحيل "بدور"، لكن فتيات أخريات وقعن أيضًا في الدائرة المفزعة، وبالتزمن مع اليوم الوطني للقضاء على الختان، الذي يوافق اليوم، تروي ضحايا الختان لـ"هن"، ذكريات يوم مفزع في حياتهن.

نادية: مش قادرة أنسى تجهيز وشكل العيادة

منذ ما يقرب من 17 عاما، سارت "نادية" بجانب والدتها خائفة ومهزوزة، كانت حينها تبلغ من العمر 9 أعوام، في الصباح أخبرتها الأم بأنه "يوم التطهير"، عليها أن تكون مستعدة لألم قليل بعده ستحظى بحياة "عفيفة"، بعيدًا عن المغريات، في خطوة لـ"تنسيق الرغبة الجنسية لدى ابنتها"، ورغم مرور كل تلك السنين، لا تزال كل التفاصيل محفورة في رأس "نادية" البالغة من العمر 26 عامًا، بنفس الألم والرعب.

شرحت منظمة صحة المرأة، خطورة الختان للإناث، قائلة إن الضرر الأكبر نفسي منه جسديا، فالأضرار الجسدية يمكن تداركها بأكثر من طريقة، لكن لأن الختان يتم لفتيات واعيات، يظل الألم النفسي مصاحبا لهن، حتى خلال الزواج.

تكمل نادية (اسم مستعار)، المشوار الذي بدأته مع والدتها، كانت حينها حملات وزارة الصحة على أشدها، لتجنب ختان الإناث، كرست الدولة كل مؤسساتها لمنع تلك العادة، فحرمها الأزهر، وجرمتها القوانين، ومنعت وزارة الصحة الأطباء من إجرائها في العيادات، ورغم ذلك، وداخل فيما يعرف بـ"عيادات بير السلم"، كانت تمارس تلك العادة على نطاق واسع.

بين الزراعات في إحدى قرى الدقهلية، سارت "نادية"، بجوار والدتها، جاهلة بما هي مقبلة عليه، ولكن الرعب الذي تملكها عندما طالبتها أمها خلع ملابسها، كان البداية، "مش قادرة أنسى تجهيز وشكل العيادة، بس أمي كانت مصبراني ماهي مستحيل هتعمل فيا حاجة وحشة"، ألم المشرط الذي جز جزءا من جسدها، ظهر جليا بعد العملية، "مكنتش بعرف امشي أو اتحرك وقتها، عرفت من غير ما حد يقولي إن له علاقة بالجواز".

وعي الطفلة لم يسعفها، ولكن بمرور الزمن وعندما أصبحت شابة قبل الزواج، بدأت تقرأ عما حدث، "أكيد أمي مكنش قصدها أني اتعذب كدة، وبقيت خايفة من خطوة الزواج جدا وأنا مخطوبة وخايفة اتألم، وأنا معرفش هو أثر عليا أزاي لأني معرفش غير اللي عايشاه، بس كفاية الألم والرعب اللي عيشته عمري ما هعمله في بنتي".

على مدار عشرات السنين، تستمر حملات وزارة الصحة في التوعية بخطورة ختان الإناث، وهو ما جعل "نادية"، تعكف على البحث عن خطورة الختان وأضراره، لذلك قررت أن تحمي ابنتها منه، وآخر تلك الحملات ما دشنته  اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث في يونيو 2019، "احميها من الختان"، لتوعية 20 مليون فتاة وسيدة ورجل في 1300 قرية.

سلمى: الختان شر وأهلي غصبوني عليه

لـ"نادية" حالات مشابهة، ورغم التوعية تجرى لهن عملية الختان، ربما لم يقتلهن المشرط، ولكن صاحبهن الألم النفسي على مدار عقود، منهن "سلمى" (اسم مستعار)، تبلغ من العمر 32 عاما، لا تزال تذكر هاتف خالتها الذي فيه اتفقت مع والدتها على ميعاد ويوم الختان، "يوم الجمعة هنروح نطهر البنت، شوفيلي الدكتور بتاع بنتك، خلاص سلمى بقى عندها 11 سنة ولازم نعمله"، لم تدرك الصغيرة حينها مما ستطهر، ولكنها أزعنت لرغبة خالتها ووالدتها.

داخل سيارة أجرة ومن القاهرة للمنوفية، سافرت سلمى، "أمي كانت بتقول دكاترة القاهرة بيخافوا يعملوها، وكمان مش ضامنينهم"، ورغم أن الأسر انتقلت للعيش في القاهرة، إلا أن المقربين في المحافظات كانوا يسهلون تلك العملية، "أنا أصلا مبحبش أروح هناك، المشوار كان تقيل على قلبي جدا، وفضل تقيل عليا طول العمر".

"عروستنا فين.. يلا عشان نبقى حلوين"، كلمات بدأ الطبيب بها عمليته، كان المشرط في يده عاليا، لا تزال "سلمى" تذكره، مسحت من ذاكرتها مدة العملية، إلا أنه بعدها عانت نزيفا استمر ليومين حتى كف، خضعت لرعاية الطبيب خلال تلك الفترة، ورغم الخطورة التي مرت بها، إلا أنها تحمد ربها في كل يوم على مرور العملية بسلام، "عرفت لما كبرت أن كان فيها موتي، وجع محفور جوايا معرفش سببه، الختان ده زي ما يكون شر، أهلي بيغصبوني عليه عشان (لابد منه)".

مصر من الدول التي ينتشر فيها الختان

يقول صبري عثمان، رئيس خط نجدة الطفل، إنه في بيان صادر عن الأمم المتحدة، في عام 2016، أعلنت أن 2 مليون فتاة تعرضن للختان، ونصف هذا الرقم أي حوالي مليون فتاة في مصر والصومال فقط، ما يضع مصر في مقدمة الدول التي تنتشر فيها تلك العادة.

الإفتاء يؤكد على تحريم ختان الفتيات

وأكدت دار الإفتاء المصرية على تحريم إجراء عملية الختان للفتيات، وقال الدكتور خالد عمران، أمين عام الفتوى بدار الإفتاء، إن الفتوى الرسمية الصادرة عن الدار بشأن ختان الإناث، أكدت أن هذه الظاهرة حرام شرعا، وأضاف أن مرتكب هذه الممارسات والتسبب في ضرر الأنثى آثم، لافتا إلى أن هذه الظاهرة انتهاك واضح لحق وجسد الإنسان، ولا ينبغي لأحد العبث فيه.