رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

بالفيديو| "سره باتع" ولكل مقام "نذر".. نساء يتوسلن "العتبات المقدسة"

كتب: سما سعيد -

12:00 ص | الأربعاء 14 نوفمبر 2018

ضريح سيدي عقبة

للنساء طرقهنّ حتى في الدعاء، فقد تعكف إحداهنّ على تحضير النذر ليلة كاملة لتنجب ذكرًا، وتغامر أخرى بإدخال رضيعها داخل "بير مبارك" منية شفاءه، فيما تتزاحم أخريات على وضع الحناء على مقام منسي بإحدى حواري مصر القديمة ليرزقهن الله "ابن الحلال"، البركة هنا مبتغاة من أضرحة غير معروفة، فلكل مقام "نذر"، فالجميع على أبواب السيدة زينب ونفيسة وسيدنا الحسين يرجون القبول، إلا أن نسوة قليلة عرفن السبيل نحو استجابة أدعيتهنّ على أبواب مقامات أزقة الأحياء القديمة.

ضريح سيدي عقبة أنهت السيدة العجوز توزيع ما تحمله من نذر بعدما عكفت على تحضيره ليلة كاملة، كان هذا عهدها مع الله قبل أعوام، فهكذا كانت بشرى أول حمل لها "يوم لله" تقضيه في نشر الرحمات على مريدي بيته، فأعلى صخرة قديمة في زاوية بعيدة عن الشمس، جلست العجوز أمام جامع سيدي عقبة بحي مصر القديمة، أخفى رداؤها الأسود جسد هزيل، تمرر أناملها في بطء وحماس على مسبحة طويلة، تردد في همهمات دعوات متواصلة."سره باتع يا بنتي"، تحكي العجوز لـ"الوطن" عن "بركة سيدي عقبة" في قناعة واضحة بأن "من زار الأعتاب ما خاب": "كلما شعرت بالضيق شددت الرحال له، ليفك العقدة، هنا تلجأ له كل سيدة في منحة، من ترغب في إعادة طليقها، ومن تريد إنجاب الولد، وتلك التي حُرمت من الإنجاب، فقليل من يعرف طريقه ويدرك الرجاء بعد الضيق، فينال البركات".للمقام قصة يعود نسبها للصحابي الأنصاري الجليل عقبة بن نافع، حسبما شرح الشيخ زينهم عبدالرحمن يونس إمام وخطيب مسجد سيدي عقبة بن عامر الجهيني، فاعتادت الناس زيارته خاصة النساء، فالضريح اشتهر صاحبه بأنه مستجاب الدعوة وكان يعرف بـ"عقبة المستجاب": "الست اللي مبتخلفش بتيجي تزور و تدعي ربنا، والبنت اللي مبتتجوزش تييجي تزور و تدعي ربنا، دي عادات وتقاليد، زمان كانوا يقولولك هاتي ديك أو شمع، لكن الحمد لله منعنا كل هذه الطرق التي لا ترضي الله ولا رسوله".

أمين "اتحاد الصوفية": لدينا 6 آلاف ضريح لا تقل أهيمتها عن الأهرامات.. وعلى الدولة استغلالها في السياحة الدينية

مقام فاطمة الأنوروعلى يسار السالك إلى مقابر سيدي عقبة بن عامر الجهني، وقبل دخول البوابة الواصلة للمسجد، توجد مقبرة صغيرة مربعة الشكل بها مقصورة مصنوعة من الألمونيوم، بها ضريح كُتب عليه "مقام السيدة فاطمة حسن الأنور رضي الله عنها"، لدخولها عليك اجتياز عدة درجات، وفي المقابل باب للدخول وآخر من الشارع.فاطمة الأنور، هي شقيقة السيدة نفسية، يتميز ضريحها بقبة في أعلاها "طرحة عروس"، ضريح ملطخ بالدماء كأنه دليل على تقديم القرابين، يقول خادم المسجد: "منقدرش نحكم الناس يعملوا إيه، المكان مفتوح لكل الزوار، الدم نذر، والناس بتوفيه للغلابة، خاصة بعض السيدات، يلجأن للمقام كي يجيب الله دعواتهنّ".

 

ضريح سيدي الحناويبجوار مسجد السيدة نفيسة، وفي آخر الممر الأثري بقلب مصر القديمة، هنا يرقد "سيدي محمد الحناوي" في مقام أنيق ملطخ بالحناء، يعلوه قبة في أوسطها لوحة خشبية مستطيلة كُتب عليها "وكان فضل الله عليك عظيما".إلى جوار الضريح يجلس خادمه على كرسي خشبي إلى يمينه "مصطبة" ملطخة بالحناء، هنا ملجأ بعض السيدات خاصة الراغبات منهنّ بالزواج، يزرنه تيمنًا ببركته، وفي أيديهن الحناء "الستات بيجوله مخصوص وبيكون معاهم حنة ويحطوها عليه"، طقوس نسائية في سبيل الوفاءً بنذر أو طلبًا لتحقيق المراد "حاولوا المتشددين كتير يهدموه، بس وقفتلهم، مش عشان حاجة غير حرمة الميت"، ورغم ذلك فالضريح مهمل ورواده قليلون.

ضريح الشيخ ريحانقبة قديمة تحيطها مبان سكنية وبالقرب منها بير أقدم يحيطه سور يظهر من بنيانه حداثته، بناه الحاج عزت بعد وفاة زوجته، يعتبره ورث أجداده منذ 230 سنة وبحجة قانونية يظهرها لكل مريد وزائر "معرفش حكايته إيه، غير إنه شيخ مبروك، وده كان بيته من زمان أوي وجدودي ورثوه عن جدودهم والبير على الحالة نفسها من أكتر من 100 سنة ولا أتغير ولا نشف".للحاج عزت غرفة إلى جوار الضريح، بها سرير قديم وتلفاز وكرسي، ينظفه يوميا، قبل أن تتوافد عليه الأمهات، يباركنّ أطفالهن المرضى بمياهه "العيل لو مسروع أو بيتخض بسرعة بنيجي هنا عشان يخف" جملة قالتها إحدى الزائرات.

وعن انتشار تلك الأضرحة رغم عدم شهرتها، أوضح الدكتور عبدالله الناصر حلمي أمين اتحاد القوى الصوفية، أن الناس قديمًا كانت تُدفن في منازلها، فانتشرت الأضرحة كثيرًا، مبينًا أنه قبل 100 عام أُصدر قانون بمنع الدفن في المنازل واستبدالها بالجبانات، وعليه فهذه الأضرحة هي الأقدم، وبعض الناس تستبشر بزيارتها.وأكد أمين اتحاد الفتوى، لـ"الوطن"، أن أضرحة آل البيت في جميع أنحاء الجمهورية يصل عددها لنحو 6 آلاف ضريح، أغلبها مهمل لكونه لا يقع تحت سلطة وزارة الآثار، مشددًا على أهمية دور الدولة في تجديدها واستغلالها في الترويج للسياحة الدينية، مؤكدًا أن الأضرحة لا تقل أهمية عن الأهرامات، خاصة أن عائدها قد يضاعف الاقتصاد القومي.