لم ترى والدها منذ أن فتحت عينيها على الحياة، تستيقظ كل يوم متسائلة: "أين والدي"، لتأتي الإجابة التي اعتادت على سماعها من والدتها حتى بلغت سن العاشرة أن والدها اختار الابتعاد عنهم.

منذ 10 سنوات قرر الزوج ترك زوجته سهير حسين، والزواج من أخرى وسط محاولات الأم الدائمة لإقناعه برؤية ابنته ولكن تبوء محاولاتها دائما بالرفض، لتصبح موهبة الرسم متنفسًا للتعبير عما بداخلها من أوجاع بعد غياب والدها وزواجه وإنجابه من أخرى.

وتقول الأم الشابة لـ"الوطن"، إنها انفصلت عن زوجها قبل ولادة طفلتها الوحيدة بشهر واحد، واختارت تربية طفلتها ودمجها في الحياة، كي تعوضها غياب الأب حيث تحملت مسؤوليتها بمفردها.

حاولت الأم قدر المستطاع، أن تمحو من ذهن ابنتها غياب الأب، وعلى الرغم من ذلك، تشعر الطفلة برغبتها في الحياة وسط أسرة مستقلة، وتشعر الأم بالحسرة والحزن عندما تسمع مقولة واحدة من طفلتها طوال الوقت: "أنا عايزة بابا ونفسي أعيش وسط أسرة".

احتياج نفسي لوجود الأب يسيطر على الطفلة بشكل دائم وهو ما دفعها إلى محاولة التنفيس عما تشعر به داخلها من خلال الرسم، اختارت أن تتعلم كيفية الرسم من إحدى البرامج. وبنبرة يملؤها الأسى، حاولت الأم أن تخفي الحزن الذي شعرت به عندما شاهدت لوحات الطفلة التي عبرت عن مأساة حقيقة تشعر بها داخلها.

وتابعت الأم حديثها قائلة: "بدأت بنتي الرسم وهي عندها 6 سنين، حسيت بصدمة مش ممكن تتوصف لما لاقيت من ضمن الرسومات اللي بترسمها، لوحة بتتخيل فيها إن أنا وهي راكعين في الأرض ومربوطين في إيد باباها".

صراخ متواصل من الطفلة يعكس مدى احتياجها لوجود الأسرة، جعلها تمر بأزمة نفسية شديدة تظهر في مختلف اللوحات التي تعبر بها عما يدور داخلها.

تحتاج الطفلة إلى حل بديل لتعويض غياب الأب، الذي اختار الزواج وتكوين أسرة أخرى بعيدة عن زوجته الأولى وطفلته، ولكي تتغلب الأم عن غيابه اختارت أن تقوم بدور الأم والأب وتخصيص وقتها بالكامل لتربية طفلتها ومحاولة إسعادها دائمًا.