رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

قصة مذبحة العقار رقم 10.. أب يقتل زوجته وطفلتيه «طمعًا في الجنة»

كتب: محمود الجارحي وجيهان عبد العزيز -

03:02 م | الثلاثاء 26 يونيو 2018

صورة أرشيفية

كان حفلا رائعًا، سعد به جميع أفراد الأسرة، المكون من 4 أشخاص، زوج وزوجة وطفلتين، زادت سعادتهم جميعًا بنجاح، الطفلة الكبيرة وتكريمها ضمن العشرة الأوائل في المرحلة الاعدادية بالمدرسة، لكن تلك السعادة لم تلبث أن تحولت إلى مذبحة أسرية، راح ضحيتها الزوجة وابنتيها، وتحولت إلى ذعر أصاب كل جيران الضحايا المقمين في العقار رقم 10، بشارع الملكة متفرع من شارع العشرين، بحي بولاق الدكرور، غرب محافظة الجيزة، ماذا حدث داخل الشقة التي تقع في الطابق الثالث بالعقار المكون من 8 طوابق، طبقًا لما ورد في تحريات المباحث، وتحقيقات الأجهزة الأمنية والقضائية، وأقوال جيران الضحايا، واعترافات الأب، جاءت كالتالي:

- مذبحة الماتش

في مساء يوم الثلاثاء الماضي، وبالتحديد عقب نهاية مباراة مصر وروسيا، سادت حالة من الذعر بين سكان العقار رقم 10 بشارع الملكة، بعدما انطلقت صرخات "صلاح أبو العباس"، نجل الفنان الراحل المرسي أبو العباس، المقيم فى شقة سكنية تقع في الطابق الثالث بالعقار، عقب عودته من الخارج وفتح باب شقته ليجد زوجته "هبة" 37 عامًا، وابنته "جنة الله"، 14 عامًا، وابنته الصغيرة "حبيبة" 10 أعوام، مقتولين داخل الشقة، وانطلقت الصرخات من نجل الفنان الراحل، وردد عبارات "مراتي وعيالي ماتوا.. حد قتلهم وسرق الفلوس.. قتلهم وسرق تحويشة العمر".

- الضحايا قتلوا خنقا وقاوموا الجاني:

دقائق عقب وقوع جريمة قتل الضحايا، وصل رجال المباحث من إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن الجيزة.. بصحبة رجال المعمل الجنائي إلى مسرح الجريمة.. وهو عقار مكون من 8 طوابق بشارع الملكة بجوار مسجد الصحابة، العقار مملوك لشقيق الوزير السابق كمال أبو عيطة، الذي شغل منصب وزارة القوى العاملة في وزارة حازم الببلاوي عام 2013، وتم إنشائه منذ 10 سنوات، وكان الزوج وأسرته من أوائل المقيمين في العقار.

صعد فريق المباحث المكون من 8 ضباط من إدارة البحث الجنائي وعلى رأسهم اللواء إبراهيم الديب، مدير الإدارة العامة للمباحث، واللواء محمد عبدالتواب، مدير المباحث الجنائية، إلى الشقة المكونة من 3 غرف وصالة وحمام ومطبخ وتقع في الطابق الثالث، وأجرت القوات معاينة لمسرح الجريمة وجاءت كالتالي: "سلامة منافذ الشقة.. ووجود بعثرة بسيطة فى محتويات الشقة.. العثور على جثة الأم مقتولة وملفوف حول رقبتها إيشارب بجوار السرير والدولاب في غرفة النوم، وعثرت القوات على جثة الطفلة الصغيرة "حبيبة" 10 سنوات، مقتولة بكتم أنفاسها بمخدة، وفي الغرفة الثالثة، عثرت القوات على جثة الابنة الأكبر مقتولة خنقا بسلك تليفون"، ناقشت القوات الأب انذاك، وقال أثناء مثوله أمام اللواء محمد عبدالتواب، مدير المباحث الجنائية، أنه توجه إلى مشاهدة مباراة مصر وروسيا فى بطولة كأس العالم لعام 2018 وعندما عاد إلى المنزل فوجئ بالجريمة واختفاء مبلغ 340 ألف جنيه من شقته كان قيمة شقة ميراث قام ببيعها منذ أسبوع وترك المبلغ في الشقة.

- تشريح الجثث وتفريغ الكاميرات:

عقب الانتهاء من معاينة مسرح الجريمة، أخطر اللواء إبراهيم الديب، مدير الإدارة العامة للمباحث، المستشار حاتم فاضل المحامي العام الأول لنيابات جنوب الجيزة، وانتقل فريق من نيابة الحوادث، وناظرت جثث الضحايا، وقررت عرضهم على الطب الشرعي، وأثبت المناظرة أن الجثث قتلوا خنقًا، وهناك خدوش فى يد الابنة الأكبر مما يؤكد أنها قاومت الجاني، كما أثبت أن هناك خدوش فى رقبة الأم مما يشير إلى أنها أيضا قاومت الجاني، وأن مرتكب الواقعة دخل بطريقة مشروعة الشقة، وأيضًا سجلت النيابة أن هناك مشغولات ذهبية ومتعلقات شخصية للضحايا لم يتم سرقتها، وطلبت النيابة تفريغ الكاميرات الموجودة في المحلات القريبة من العقار لبيان عما إذا كان هناك أحدًا دخل أو خرج في وقت معاصر للجريمة، وبحسب رواية الأب فإن الجريمة تم بدافع السرقة، وأن الجاني على علاقة قوية بالأسرة.

- حسنة السمعة .. والحارس إجازة:

انتقلت "الوطن" إلى مكان العقار رقم "10 " بشارع الملكة متفرع من شارع العشرين بمنطقة بولاق الدكرور، الذي شهد الجريمة، والتقت أحد الجيران ويدعى "أحمد خالد" مالك محل دهانات، وقال إنه حوالي الساعة الواحدة والنصف صباح الثلاثاء الماضي، خرج هو وشقيقه لشراء بعض الاحتياجات وعادا مرة أخرى أثناء تواجده بشقته برفقة والده بالطابق الأول سمعوا أصوات أقدام مرتفعة على سلم العقار فأسرعوا خارج الشقة لاستطلاع الأمر.. وشاهد صلاح المرسي الساكن بشقة بالطابق الثالث، زوج ووالد المقتولات الثلاثة، يقف في حالة انهيار ويردد: " لا إله إلا الله مراتي وولادي ماتوا".

وتابع أحمد قائلًا: "الراجل ده ساكن من حوالي 10 سنوات في العقار، هو أصلًا حفيد الفنان المرسي أبو العباس، ومفيش حد سمع عنهم حاجة، وناس في حالهم ومحدش شاف منهم حاجة وحشة".

الحزن الذي خيم على سكان العقار رقم 10 بشارع الملكة، امتد أيضا إلى مدرسة الطالبتين، ونعت الصفحة الرسمية لمدارس الشروق الضحيتين على صفحتها الرسمية، وأكد عدد من المدرسين عبر الصفحة، على أنهما كانتا من المتفوقين في الدراسة، وأن جنة الله ضمن العشرة الأوائل فى الصف الثالث الإعدادي وحصلت على المركز السادس، وتم تهنئتها قبل أيام من العثور على جثتها، ولم تتمكن "الوطن" من التواصل مع أسرة الأم لمناقشتهم حول ملابسات الواقعة، لانشغالهم آنذاك بإجراءات الدفن وتشيع الجنازة.

- الأب .. المشتبه فيه:

بعد مرور 4 أيام على الجريمة.. وبعد الفحص والتحريات التى أجراها فريق البحث تحت إشراف اللواء إبراهيم الديب، مدير الإدارة العامة للمباحث، أشارت التحريات إلى أن المشتبه فيه هو "الأب"، وجاء فى التحريات: "الأب كان يعاني من مرض نفسي منذ 10 سنوات، وتراكمت الديون عليه بسبب النشاط التجاري الذى يمارسه وهو بيع وشراء السيارات، ما جعله يرتكب الواقعة، فاستغل هدوء المنطقة وانشغال السكان ورواد المنطقة، يوم الثلاثاء الماضي، بمشاهدة مباراة مصر وروسيا في بطولة كأس العالم، ونفذ الجريمة، وغادر بعدها الشقة وذهب للمقهى لمشاهدة المباراة، وعقب انتهائها توجه إلى الشقة وفتح الباب، وانطلقت منه صرخات واستغاث بالجيران، وقال لهم إن زوجته وأولاده ماتوا، وإن مجهولاً دخل الشقة وقتلهم وسرق مبلغ 340 ألف جنيه.

وحسب تحريات الشرطة، فقد تضاربت أقوال الأب أثناء مناقشته فى بداية الأمر، حيث أدعى سرقة مبلغ 340 ألف جنيه من الشقة، وكان هذا المبلغ قيمة شقة سكنية "ميراث"، باعها قبل الواقعة بأسبوع، إلا أن المعاينة أكدت عدم سرقة أي مشغولات ذهبية أو متعلقات شخصية، ما يؤكد أن دافع الجريمة لم يكن السرقة، وكذب رواية الزوج، وفق ما ذكرت التحريات.

وتوصلت التحريات، إلى وجود أدلة لارتكاب الأب الواقعة، منها بيان سلامة منافذ الشقة، ما يشير إلى أن الجاني على علاقة قوية بالضحايا، ووجود جروح بسيطة في يد الأب.

- الأدلة والاعتراف:

عقب ما توصلت إليه التحريات التى أشارت إلى أن الأب هو مرتكب الواقعة، تم استئذان نيابة حوادث جنوب الجيزة، لضبطه وإعادة استجوابه مرة أخرى ومواجهته بالأدلة، صباح الأحد الماضي، تم اقتياد الأب إلى قسم شرطة بولاق الدكرور، ومثل الأب أمام اللواء إبراهيم الديب مدير الإدارة العامة وكان أمامه التحريات والأدلة التي جمعتها القوات لتؤكد بأنه هو مرتكب الواقعة، وبدأ مدير المباحث في استجوابه مرة ثانية، وفي البداية أصر الأب على الإنكار ونفى صلته بالواقعة، وخلال 5 ساعات من المواجهات بين المحقق المشتبه فيه بارتكاب الواقعة، ومن بينها تلك الأدلة كذب رواية السرقة، تراكم الديون عليه، معالجة نفسية منذ قرابة 10 سنوات، لم يدخل أحدًا العقار في وقت معاصر للجريمة.

واعترف الأب بارتكاب الواقعة، وجاء فى محضر الشرطة اعترفات الأب كالتالي: "أنه يعاني من أزمة نفسية منذ 10 سنوات وأنه متزوج منذ قرابة 15 عامًا وتزوج من الزوجة الضحية أثناء دراستها في الجامعة، ومنذ قرابة 3 سنوات تعرض للخسارة فى مجال نشاطه التجاري بقيمة 450 ألف جنيه، وتراكمت عليه الديون، ففكر في الانتحار من قبل إلا أنه تراجع لخوفه على مستقبل زوجته وبناته، ويوم الواقعة، قرر قتلهم عشان يسبوقني للجنة، وينحر بعدهم.. إلا أنه نفذ الجريمة، قتل الزوجة على سجادة الصلاة، وقتل بناته خنقا الصغيرة كتم نفسها بمخدة، والكبيرة قتلها خنقا بسلك تليفون وأثناء ذلك قاومته وأحدثت جروح فى يده".

- حبس 4 أيام

عقب ذلك سجلت القوات اعترافات المتهم فى محضر الشرطة بارتكابه للجريمة بسبب مروره بضائقة مالية ونفسية، وتم اقتياده إلى مقر نيابة حوادث جنوب الجيزة، في حراسة أمنية مشددة، وقررت النيابة حبس المتهم لمدة 4 أيام، وطلبت تحريات المباحث حول الواقعة، ولاتزال التحقيقات مستمرة.

ولم تتمكن "الوطن" من التواصل مع محامي المتهم أو أسرته لانشغالهم في التحقيقات التي تجريها النيابة معه بشأن تورطه في الواقعة.