أنوار وترانيم في الشوارع المزدحمة بالسيارات والمارّة معا.. تفوح منها رائحة "زيت المطرانية".. بيوت متداخلة البنيان بجانب الكنائس.. مسيحيون ومسلمون يحتفلون بعشيّة عيد الميلاد المجيد، مشهد لمحبة نادرة داخل منطقة شبرا البسيط أحد أحياء القاهرة القديمة، والتي تتكتل فيها الكنائس والأديرة بشكل كبير.

فقبل أمتار قليلة من محطة مترو مسرّة وتحديدًا في الجهة المقابلة لشارع البعث، تدق الساعة الثامنة والنصف مساءً، ليغلق صاحبا مكتبتا المحبة وماري جرجس أبواب المحلات مسرعين لحضور قداس ليلة الميلاد، ورغم المخاوف التي تسربت إلى قلبه عقب حادث مارمينا الأليم إلا أن أيمن شوقي (40 عامًا)، قرر اصطحاب طفلتيه ميرونا (6 سنوات) ميرفينا (4 سنوات) إلى القداس، مرتيدن ملابس العيد وطوق بسيط صنع من الورق المقوى (ورق المغارة والقش) زُين برأس "بابا نويل"، لتستقبل الطفلتين العيد بالفرحة والضحكات البريئة غير عابئين بأية محاذير.

ويذكر شوقي، لـ"هن": "كل سنة لازم نشتري لهم حاجة بمناسبة العيد، ودائمًا باخدهم يحتفلوا بالعيد في الكنيسة اللي كنت بروح فيها وأنا صغير، العيد ده عجبني توّك بابا نويل، اشتريناها من محل مسلتزمات الكنسية، وبعد القداس هنروح لجدة البنات عشان تديهم العيدية زي كل سنة".

عندما تتجول في شارعي "الترعة البولاقية والبعث" تجد على يمينك محلات مسلتزمات الكنائس والتي تبيع استعدادات الاحتفال بـ"الكريسماس".

وحده أنطوان صاحب محل "سانت ماريان" بأحد الشوارع المتفرعة من الترعة البولاقية يجلس مع صديقه، وسط التماثيل والهدايا التي زينت واجهة المحل، ويدخل محله أطفال بصحبة آبائهم أو نساء يبحثن عن أشياء بسيطة لتزين المنزل.

ويوضح أنطوان، لـ"هن"، أن شراء المستلزمات الكنسية ﻻ يتوقف على النساء والأطفال الصغار المسيحيين، فيذهب إليه مسلمين ليهادوا المسيحين أصدقائهم، والذي بدوره يقترح عليهم تماثيل العذراء.

ويضيف في الأعياد خضوصًا عيد ميلاد السيد المسيح يعرف شيء بـ"المِزود" الذي يجسد قصة المسيح ويصنع من القش والورق، ليضعه على واجهة المحل ويُقبل على شراءه الآباء والأمهات ليكون مجسمًا يراه الأطفال عن قصة ميلاد السيد المسيح، مشيرًا إلى أن هناك العديد من الأنواع بينها الجبس والبورسلين، إضافة إلى أن اختلاف السعر حسب الخامة.

ويؤكد الشاب الثلاثيني على أن رغم الاعتداءات الدامية على الكنائس في العامين السابقين والتي كان أخرهم حادث إطلاق النار على كنيسة مارمينا في حلوان، إلا أن تلك الأحداث لم تؤثر على عزيمة المسيحيين أو تضعف إقبالهم على الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد.