بين باقات وروده الملونة يقف "عم سمير" يبيع للمسلم والمسيحي في حيه الذي يجمع بين عنصري المجتمع المصري"شبرا"، يلقي التحية بنفحات وروده على المُقبلين عليه من المسيحين في عيدهم، تترصص وروده المتنوعة ألوانها على صفوف أمام متجره بأشكالها بين باقة ورد وصلبان.

يصف الرجل الخمسيني، حال شارع شبرا في أعياد المسيحين، حيث يرجع تاريخ متجره إلى 60 عامًا، رغم تغير الزمن ولكن العلاقات وطيدة بين عنصري الحي، يقوم المسلم بشراء باقة من الورود ليهدي بها المسيحي في عيده: "الوقت اتغير عن زمان، بس القلوب صافية ذي ماهي".

يروي عم سمير لـ"هن" تاريخ متجر الورود، حيث الأشهر والأقدم ذو التاريخ البعيد، ليصبح علامة مسجلة بين المارين، فالمتجر يعمل طول العام دون توقف يصحبه ركود في بعض المواسم ويزداد الإقبال عليه في توقيت أعياد المسيحين.

ويسرد الخمسيني عن أبرز المواقف التي يتلقاها أثناء بيعه في المتجر الصغير، أنه يمر عليه الكثير من الأشخاص المسلم والمسيحي، فيهدي الخاطب لخطيبته باقة من الورود، ليس هذا فحسب فجمع الخمسيني العديد من المواقف كالإهداءات التي يتلقها المسيحي من المسلم  في الأعياد مثل تلك الأيام، لشراء المسيحين الورود يوم عيد الميلاد في الصباح ليذهبوا به إلى المقابر.

"مش مشغلين حد غريب كلنا هنا أخوات في المكان"، يعمل بالمتجر 4 أفراد، يضعون لمستهم الأخيرة في تجهيز الورود مُنذ أن ورثوا المتجر عن الأب، تتروح أسعار الباقات بين 100 إلى 150 جنيه، يتذكر الخمسيني صديقه وجاره المُتوفي "دقدق" بكلمات عابرة راسخة في ذهنه فكان يشتري منه باقات الورود في المناسبات المُختلفة في أعياد المسلمين والمسيحين ويقوم بتوزيعها بكل محبة نابعة عن تأثره بحيه المتسامح، "كان مبيعرفش يفرق بين المسلم والمسيحي، الله يرحمه".

"مبقاش فيه فلاح يبيعلنا"، عبر "عم سمير" بكلمات حزينة عن الأيام الماضية لتغيير الزمن فكان مُنذ فترة طويلة، يعتمدون على الفلاح لشراء الورود بأنواعها المُختلفة، ولكن اليوم اختلف الأمر وأصبحت هناك مجموعة من الشركات تبيع ورود المزارع، ويختار المشتري الآن باختلاف ديانته باقة الورود الأكثر مبيعًا وهي "الكوريشه" التي تتميز بلفتتها الأنيقة لإهدائها تعبيرًا عن محبة المُهدي.