رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

ماما

"مايسة" تعثر على طفلة بكوبري القبة: "حبتها وسمتها سما وعايزة أتبناها"

كتب: أمنية قلاوون -

09:23 م | الإثنين 18 ديسمبر 2017

سما

تخطو بقدميها على الدرج هي وأولادها الاثنين، ليذهبوا إلى المدرسة، تستيقظ باكرًا لتحضر الطعام، كل هذا بديهي ليوم عادي في حياة سيدة مصرية ذات الخمسين ربيعًا، لكن ما حدث في الرابع من ديسمبر كسر روتين يومها التقليدي.

كانت الساعة السابعة صباحًا، تنزل "مايسة محمد" سيدة خمسينية، ولها خمسة أبناء، في هذا الوقت دائمًا، وتُلقي تحية الصباح على الجميع، تهرول ليلحق الأولاد بطابور المدرسة حيث كانوا على بعد خطوات منها، تمر السيدة في طريقها وهي متجهة إلى المدرسة بميدان ابن سندر بمنطقة كوبري القبة التابعة إلى محافظة القاهرة، تفضل المرور منه دائمًا لصعوبة مرور السيارات فيه، فتشعر بالآمان على أولادها الصغار، ثم تقطع الهرولة انتباه أحد أطفالها إلى "لفة".."ابني قالي في حاجة بتتحرك".

تصف السيدة أن هذه المنطقة مليئة بالكلاب، لهذا السبب جاءت الهرولة على "اللفة" متعجبة وفضوله لما تحتويه، ولكن المفاجأة أن هذا القماش المُحكم يحوي "طفل" يبحث عن دفء بعدما ألقاه أهله تحت كوبري في شتاء ديسمبر.

"كان عمر العيل 4 ساعات، أنا فهمت ده بسبب خبرتي أنا أم من 30 سنة وجبت 5 أولاد" تّجاه بائع الحلوى كان الطفل ملقى على ظهره، الأقمشة التي غيرتها مايسة بعد ذهولها من الموقف، بمساعدة الجيران وأهل الحي المتراصين على شكل دائري حول مايسة والطفل الذي احتضنته بعدما التقطته من الأرض.

بدأت الملائات والسباب يتوزعوا على الطفل وأهله بتساوٍ "مين الأم اللي تعمل كده في بنتها، حسبي الله ونعم الوكيل"، حال الجيران الذين تعانوا مع مايسة بالتبرعات للطفل والاطمئنان عليه، كل هذا وأكثر يقع على أعين ومسامع مايسة غير المنتبهة بما يدور حولها فهي في عالم آخر تحتضن الطفل وتضمه "مكنتش أعرف بنت ولا ولد، كل همي إنه ما يموتش، حطيته في حضني وقفلت عليه".

تبحث السيدة عن من ينجدها تفكر في الطفلة وفي أهل الطفلة الذين قد يتراجعوا في قرارهم وينوون البحث عنها، وفي مدرسة أولادها، وفي قلبها المرحب بالطفل للتبني، تسنتجد ببائع الحلوى، الجميع يحاول في هذا الوقت الاتصال بقسم الشرطة، حتى أختها الساكنة في مدينة نصر، التي أتت لأخذ الأولاد من المدرسة.

"حوالي 7 مرات اتصل بالشرطة، مفيش إجابة وبعدها حولوني على قسم تابع لمصر الجديدة، كمان كلمنا الإسعاف علشان يفحص البنت، وقتها عرفت إنها بنت لأني كنت خايفة أفتح القماشة الملفوفة بها، من كتر همي إني أدفيها" صعدت مايسة مع الطفلة إلى عربة الإسعاف منتقلتان إلى قسم شرطة مصر الجديدة، تسجيل الطفلة باسم يعني سهولة العثور عليها إذا بحث عنها ذويها، فكرة نفذتها السيدة بعدما وجدت الطفلة ولكن تعاطفت الأم المُربية مع حال الطفلة.

شعرت بنغمشة تداعبها لا تدري لها مصدر غير عاطفة جذبتها من يدها نحو البنت، تقطع الأم كلامها "انتِ عارفة حسيتها بنتي سميتها سما لأن السماء بعتتهالي، قولت في القسم اعملوا المحضر أنا هستلمها، واعملوا التعدهات أنا هاخدها عندي".

يتم تحويلها من القسم إلى النيابة، "مكنتش بفكر في حاجة غير إني هاخدها بأكلها وأشربها وأدفيها"، جاء رد النيابة وفقًا للقانون صادمًا "ماقدرش أخالف القانون لكن مين".

تحتر مايسة هل الطريق الذي اتخذته صحيحًا، أم أن قرارها كان خطأ، دار في عقلها ما الذي يجب أن تفعله، بعد قضاء 7 ساعات بين القسم والنيابة والطبيب ليفحص الطفلة ويتأكد من سلامتها، كانت مايسة ترشده خلال الكشف، تغير يوم مايسة تمامًا، فهي مستعدة لفتح بيتها لطفل ثالث ليضيف قلبها إليها طفل آخر لم تتعب في ولادته.

"أخيرًا مافيش دار رعاية موجودة، اللي اتصل بهم لاقاهم مش محتاجين حد"على الرغم من هذا ترجت مايسة أخذ الطفلة التي أقامت في منزلها لمدة 3 أيام، إلا أنها وجدت دار رعاية المطرية.

ليالٍ باردة على طفلة لم تستكمل عشرة أيام تقضيها في دار رعاية وحدها دون حضن دافئ من أم ولا لمسة حانية من أب، منتظرة ألا تخطو دون أن يرسم أحدهم لها طريقها "كل اللي يشوفها يحبها، أنا عايزاها تعيش معايا ووسطنا تتربى بآمان" كل ما تنتظره مايسة في الوقت الحالي هو عودة سما إلى الأسرة التي عاشت معها ثلاثة أيام، فروحها معلقة بين السماء و"سما" التي لن تلتقيها إلا بصعوبة بسبب القانون والمسافة بينها وبين بيتها.

 

 

 

الكلمات الدالة