طبقات من رقائق البسكويت المدهونة بالعسل الأبيض.. تسلية إسكندرانية تسمى بـ"الفريسكا"، أتى بها جابر الإسكندراني؛ لبيعها متجولًا بشوارع القاهرة، مختارًا زيًا سكندريًا "الصيادين"، ويتغنى بها أمثال أحمد فؤاد نجم في كلماته: "كان فيه يا بلدنا يا نسّاية.. حتة بسكوتة فريسكاية، على الشط تبعتر ضحكتها، تفرش حدوتة وغنواية".

الحكاية بدأت قبل 8 سنوات، عندما قرر جابر الانتقال بسكنه من الإسكندرية إلى القاهرة لبيع الفريسكا بعد خوضه أعمال حرة أخرى، ليجد نفسه مسترشدا بأخواله الذين يعملون بها: "ولأن الفريسكا مش بتتباع غير على البحر، فقولت أنقل التراث هنا في بلد الزحمة".

وبعد انتشار تلك المهنة بشواطئ الإسكندرية، انتقل إلى القاهرة، موضحًا أن 80% من مصيفي عروس البحر المتوسط من العاصمة، ما جعله يأتي إليها خصيصا لبيع "الفريسكا".

"أهالي القاهرة أكتر ناس بتحب تاكل فريسكا على البحر"، يقولها جابر، ذلك الرجل الذي يبلغ من العمر 48 عامًا، موضحًا إقبال المارة على ذلك النوع الرقيق من البسكويت.

جابر، لديه ثلاثة أبناء، يعتمد في صنع أشكال الفريسكا على زوجته وابنته، فيشتريان السمسم والسوادني بكميات ليخلطه بالبسكويت: "هما بيعلموا الشغل بعد ما علمتهم، ولأنها تصنيع يدوي، أنا حتى مش بعرف أعمل زيهم، أنا أبيعها بس"، مؤكدًا أن زوجته لا تمل من عمل الفريسكا، تستمر لساعات حيث كيلوجرام من السوداني يكفي لعمل 100 قطعة، وتقدر سعر الواحدة منها جنيه ونصف الجنيه: "لأن الحياة مشاركة".

ويقول جابر، الحاصل على مؤهل متوسط، إن المهنة بدأت في الظهور في الفترة التي عاقبت الاحتلال البريطاني لمصر على إيدي أبناء الإسكندرية، ومصنوعة من العسل الأبيض والسكر وملح الليمون والبسكويت، وكذلك المكسرات من جوز الهند والسمسم والسوداني.

وبالرغم من أن زوجته وابنته يساعدانه في صنع "الفريسكا" إلا أنه يرفض الوقوف بجواره بواسطة الصندوق الخشبي بإحدى النواصي بمنطقة الدقي: "لأن إحنا كرجالة بنلاقي تعليقات ومضايقات زي الفريسكا مكانها على البحر مش هنا"، ليتابع أنه يشرع في تأسيس فريق مكون من البائعات يختصن لعمل الفريسكا بالشواطئ بعدد من المحافظات الساحلية، وعمل الفريسكا من الشوكولاته والمايونيز والمانجا.

"الفريسكا بتقول يا مصر يا بهية، الدنيا رايحة وأنتي جاية"، عبارة كتبها على لافتة بخلفية علم مصر، وابنه الأصغر الذي يدرس بالمرحلة الابتدائية، يسعد بها جابر لعرضها في ليلة رأس السنة الميلادية، مستعينا بأغنيات ونغمات شط الإسكندرية، ليستقبل عام 2018: "لأني بستنى أي يوم مصر تبقى فرحانة بيه".