رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

ماما

تفاصيل مأساة عائلة فقدت 6 من أطفالها في كارثة الإسكندرية

كتب: نرمين عصام الدين -

08:45 م | الإثنين 14 أغسطس 2017

عائلة السيد عوض سليمان

"فساتين ممزقة، ملطخة بدماء الإهمال، ممتلئة بنزيف أرواحهما التي صُرعَت".. في تلك الهيئة وجد الأبوان، السيد عوض سليمان، وزوجته سحر عيد، طفلتيهما دينا وبسملة، حتى لم تصدق أعينهما ما رأياه، بعد أن استقلا قطار 517 بورسعيد- الإسكندرية، في رحلة الرجوع من الشرقية.

قبل 5 دقائق من موعد الوصول، أخبرت دينا، 9 أعوام، والدها في اتصال هاتفي بأنها أوشكت على الاقتراب من الإسكندرية؛ ليطمئنها بانتظارها في محطة مصر برفقة شقيقها الأصغر، حتى وقع الخبر عليهما كالقنبلة التي هزت أرجاء المكان.

أبلغ الأب عوض سليمان شقيقه سعيد عوض، بخبر الحادث الذي هو الآخر كان له بالعربة الأخيرة من القطار زوجته وأطفاله الثلاثة، وعبدالله شقيق زوجته، حتى هرولوا مسرعين إلى منطقة خورشيد.

بين جثث كثيرة مغطاة بملاءات، وأرواح مزهقة، وملابس ممزقة، باتوا يبحثون عن أسرهم، في حديث خاص للشقيقين، يرويان لـ"هن" تفاصيل الساعات الأخيرة في حياتهم.

يقول السيد عوض: "فجأة حركة القطارات وقفت لأن الحادثة على الطريق العمومي، وسألت أحد أفراد الأمن وأبلغني بأن قطر بورسعيد تعرض لحادث بمنطقة عزبة الشيخ، وروحت على معاون محافظ الإسكندرية سألت فيه إصابات وقال لي معرفش، ونصحوني أروح مكان الحادث".

ويتابع: "بلغت أخويا وروحنا، كانت معجنة، مش مصدق إننا نشيل ضريبة الإهمال بالغالي من أرواحنا، بناتي سافروا للشرقية عشان يحضروا فرح لأن أهلينا هناك، وقضوا أسبوع وكان هييجوا الخميس بليل لكن كسلوا وأجلّوا السفر ليوم الحادث".

رافق محمد ذو الـ8 سنوات، والده في رحلة وصول إلى مكان الحادث، حتى مشرحة كوم الدكة، ودفن الطفلتين: "كان معايا وأنا منتظرهم في المحطة، وسمع كل حاجة، وعلى صغر سنه لفيت بيه الدنيا كلها، ودفنت البنات، وهو واقف معايا، وأصبح هو الوحيد اللي في العيلة، ولا ليه أخوات ولا ولاد عم".

يقول: "إمبارح منامش طول الليل إلا على سرير أخواته البنات، وكأن أخواته طبطبوا عليه ونام، وبيمسك هدومهم، وفساتينهم، ويبوس ويحضن فيها، ومراتي صممت أنها تاخدها واحتفظت بيها بدمها".

"أيوة يا ماما، إنتِ وحشتيني، ومش هسيبك تاني".. قبل ساعتها من السفر، قالتها بسملة لوالدتها في اتصال هاتفي، بلهفة الرجوع، يحكي السيد في حزن ما كان باتصالهما الأخير.

"إهمال سائق القطار، أهدر حياتي، وقتل عرائسنا".. عن الأسرة الثانية، التي صرعت بيد الإهمال، يروي سعيد عوض شقيقه: "حياتي اتدمرت، إهمال من سواق خلاني أعيد الشريط من الأول تاني".

في أثناء الطريق، كانت اتصالات زوجته التي تهمه على صلاة الجمعة مستمرة للاطمئنان عليها وعلى أطفاله الثلاثة شمس، جودي، ياسين: "وحشتيني يا أم ياسين، أنا مستنيكي، واتصلت بيهم وكنت بطمن عليهم حتى لقيت تليفونها اتقفل".

كان أسرته قد استقلت بالعربة التي لم ينجُ منها أحد، حسبما يصف: "لما روحت شوفت الجثث متغطية بالملايات، والأهالي ستروهم وعملوا اللي مقدرش يعملوا المُسعفين، ولقيت جثة بنتي أول واحدة، ومراتي معرفتهاش من ملامحها".

حلق ذهبي بأذنيها تعرف عليها من بين الجثث، فما كان يبحث عن أسرته المفقودة: "كان موجود مش أقل من 100 جثة، وبدأت أتعرف عليهم، وإحنا مش لاقيين عبدالله شقيق زوجتي، تخيل مش لاقيين بني آدم، ولقينا أشلاء بس منعرفش مين، مش ممكن"، متسائلًا: "المفروض فيه إشارات ضوئية والتحكم الآلي اللي في القطر، كل ده بايظ؟ ده إهمال متعمد ولا لأ؟!".

"أنا قدمت للدولة 6 شهداء، وواحد مفقود، هما هيقدموا لينا إيه".. بتلك الكلمات يقول سعيد، الذي يبلغ من العُمر 38 عامًا، واصفًا باستحالة قدرته على تحمل فقد أسرته وتعويضها: "أنا بشتغل حلواني بيومية، عشان أولادي ومراتي، دلوقتي على باب الله، ومعنديش وظيفة ليها تأمين.. أنا فقدت حياتي على الأرض".

ويناشد الرئيس عبدالفتاح السيسي إيجاد عمل يوفر له حياة كريمة: "مصيبتنا كبيرة بس بنحمد الله عليها بس عايز أحس أن الدولة عملتلي حاجة، وده مش طمع ولا تعويض على خسارة دمي، ده حقنا على الدولة".

الكلمات الدالة