رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

بين ستر محاسن المرأة وظهورها.. تطور "الكورسيه" ورابطات الصدر عبر العصور

كتب: وكالات -

03:28 م | الخميس 25 مايو 2017

صورة أرشيفية

كان جسد المرأة بكل تفاصيله -ولا يزال- قضية مطروحة للجدل، ومثيرة للاهتمام دائماً، وارتبطت نظرة المجتمع، وصانعي الموضة إليه، بكل الجدالات الاجتماعية، والفكرية التي تتقاطع مع حياة الأنثى وأدوارها في الحياة.

وما بين إبراز محاسنه، ولفت الأنظار إليه، وستر تلك التفاصيل بعنف أحياناً وكأنها عيب خَلقي يجب إخفاؤه- ظل جسد المرأة يشغل المجتمع ويعكس توجهاته.

نشر موقع "هافينغتون بوست" تقريرا مفصلا حول تطور رابطات الصدر و"الكورسيه" عبر العصور.

قمع وتسلط

في بعض الثقافات القديمة، كان يُنظر لصدر المرأة نظرة سلبية، تُحتم عليها إخفاؤه.

الرومان مثلاً، كانوا يعدون الصدر الكبير، والبارز من علامات القبح وكبر السن؛ لذلك ارتدت الفتيات الصغيرات لفائف من القماش المدعم أحياناً بمواد صلبة لقمع صدورهن ومنعها من النمو! وكان الصدر الصغير والنحيل من علامات الجمال والأنوثة.

أجبر اليونانيون أيضاً، الفتيات المشاركات في الألعاب الأولمبية على ربط أثدائهن وضغطها لإخفاء معالم أجسادهن؛ ومن ثم عدم التمييز بينهن وبين الرجال.

على الجانب الآخر، تسجل النقوش الفرعونية عدم ارتداء المصريات قديماً شيئاً فوق صدورهن، وكانت الثياب المتعارف عليها في ذلك الوقت انسيابية وطويلة، بكتف واحدة أو بحمالات، وأحياناً بأكمام فضفاضة، وكانت تحبس من الوسط بما يشبه الحزام، وعُرفت بـ"kalasires".

وارتدت النساء في الهند قديماً تنورة وجزءاً علوياً يغطي الصدر، وبنصف كُم، ويدعى "kanchuka". 

 بينما ارتدت النساء في الصين، الـ"dudou"؛ وهو رداء داخلي يغطي الصدر، وله أربطة لتثبيته حول العنق، وحول الخصر، ودون جزء خلفي أو أكمام، وعُرف في الأوساط الثرية في ذلك الوقت، ولا يزال لباساً شعبياً في فيتنام حتى الآن.

إلى النقيض.. إبراز الفتنة والجمال!

تحول الأمر من ضغط الثدي وإخفاؤه، وتغطية فتحة الصدر حتى العنق، إلى عصر فتحة الـ"ديكولتيه" الواسعة في عصر النهضة الأوروبية، وتحديداً في منتصف القرن الـ15.

 تميزت ثياب هذه المرحلة بفتحة ديكولتيه واسعة، وظهور ما يعرف بـ"الكورسيه" الذي يُشد بقوة حول الخصر؛ ليستقيم الجذع، ويرتفع الصدر إلى أعلى، ويظهر جزء من الثدي.

وكان الثدي المشدود والمستدير والمرتفع، من علامات الجمال والثراء، فسيدات القصور المرفَّهات، لا يُرضعن صغارهن، ويتركن المهمة للمرضعات حتى يحافظن على الشكل المشدود، والنضر لأثدائهن.

دُعمت مشدات الخصر في هذه الفترة بمواد صلبة، مثل الأخشاب أو الحديد؛ لتقوم بضبط الخصر وتدعيم الثدي، وتنتشر روايات تاريخية تلقي باللوم على الملكة " كاترين دي ميديسي"، زوجة ملك فرنسا هنري الثاني، في فرض الكورسيه بالقوة على النساء وحظرها الخصر العريض! إلا أن بعض المؤرخين يعدونها روايات خاطئة وغير متماسكة.

ولأن الكورسيه كان لباساً مقيداً وخانقاً، وكان يحتم على من ترتديه أن تسير بطريقة متخشبة ومتعبة، لم تكن العاملات والخادمات يرتدينه، وعوضاً عنه كن يرتدين رباطاً من القماش لدعم أثدائهن دون تقييد الحركة.

وفي العصر الفيكتوري، ورغم شيوع فكرة الاحتشام وعدم إبراز المفاتن، حتى في ألبسة الشاطئ، كانت المرأة ترتدي الكورسيه الذي يرفع الصدر، ويبرز الخصر والوركين بشكل واضح، وظلت نساء الطبقات الراقية ملتزمات بهذا المظهر، حتى مع خروجهن للتعلم والعمل، مع ما يتطلبه ذلك من حركة لا تناسب هذا اللباس، الذي لم يكن من الممكن في ظل وجوده حتى الانحناء لالتقاط شيء من الأرض!

القرن الـ19.. مشد الصدر الحديث

ظهرت بعض المناشدات الصحية، التي تحذر من خطورة ارتداء الكورسيهات ومشدات الصدر فترات طويلة، وأثرها في الصدر والعمود الفقري وسلامة التنفس، ولأن نداء الموضة دائماً أقوى، لم يلتفت أحد إلى مثل هذه التحذيرات.

كانت بعض الحركات النسوية أيضاً قد بدأت تثور على تنميط المرأة، ووضع معايير صارمة ومرهقة لجمالها ومقاييس محددة لجسدها، وقد اعتبرت هذه الحركات الكورسيه شكلاً من أشكال العنف ضد المرأة؛ لأنه يجبرها على المشي بطريقة معينة والتنفس بصعوبة بالغة، ويقيد حركتها ويخنق أعضاءها الداخلية.

رافقت تلك الحركات التحررية، خروج المرأة للعمل في المصانع والمدارس والمستشفيات، خاصة خلال الحرب العالمية الأولى؛ بسبب التحاق معظم الرجال بالجيوش في هذا التوقيت، بالإضافة إلى الاتجاه العام لتقليل النفقات، والاقتصاد في استهلاك الخامات في سلع غير ضرورية، مثل الكورسيه.

ظهر أول مشد صدر حديث منفصل عن الكورسيه بألمانيا، تحديداً في عام 1899، فقد سجلت الألمانية "Christine Hardt" أول براءة اختراع لمشد صدر نسائي، وظلت صناعة المشدات حكراً على الألمان حتى عام 1913، ومن ثم بدأت الولايات المتحدة الأميركية في إنتاجها.

وبانفصال مشد الصدر عن الكورسيه، اتخذ أشكالاً عدة، تطورت وتغيرت بحسب اتجاهات الموضة، والتغيرات الاجتماعية، وأحياناً الاتجاهات التحررية التي طرأت على حياة النساء، وتنوعت الخامات أيضاً لتخدم متطلبات النساء المختلفة.

فخلال عشرينات القرن الماضي مثلاً، عادت من جديد الرغبة في تغطية الصدر وعدم إبرازه أو تدعيمه، ثم خلال الثلاثينات وحتى الخمسينات، ظهرت حمالات صدر تعزز من مظهره وتبرزه، مثل الـ"bullet bra" الذي اشتُهرت به الممثلة الأميركية مارلين مونرو، لتعود الحركات النسوية التحررية في الستينات وتنادي بتحرير أجساد النساء من حمالات الصدر، والأحذية ذات الكعوب العالية، فتظهر على أثر ذلك حمالات صدر خفيفة ومريحة، ولا تُحدث أي تغيير في شكل الصدر أو ما عرف بـ"sheer bra" أو الـ"no bra".

ثم مع بداية الألفية الجديدة، ظهرت حمالات صدر من دون أشرطة على الكتف، وأحياناً من بدون جزء خلفي، لتناسب أثواب الحفلات المكشوفة، وظهرت حمالات الصدر الرياضية العريضة والمدعمة بأشرطة مرنة في الظهر، بالإضافة إلى دعامات الصدر الخفية، المصنوعة من السيليكون، والمنتشرة في الأسواق في وقتنا الحالي.

ويستمر مطورو مشدات الصدر في ابتكار حلول ترضي احتياجات النساء المختلفة، وتناسب أنماطهن وطبيعة حياتهن، والأدوار التي يقمن بها.