رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

أول وزيرة للبحث العلمي: "كنت بتشعبط على سور المدرسة عشان أشوف الملك"

كتب: آية المليجى -

11:44 ص | الإثنين 03 أبريل 2017

الوزيرة فينيس كامل

تجاعيد ترسم وجهها، وخصلات شعرها القصيرة تعلو فوق رقبتها، وصوت مفعم بحيوية العمل، الذي لا تقوى عليه أي سيدة تجاوزت الستين من العمر، إلا أن حبها للعمل أبى أن يستسلم للتقاعد، وغاصت من جديد في أبحاثها العلمية داخل المركز القومي للأبحاث، والذي بدأت فيه الدكتورة فينيس كامل، إلى أن أصبحت أول سيدة تتقلد منصب وزيرة البحث العلمي، وعادت إلى المركز من جديد، محاولة الوصول للطرق العلمية لتخزين الآثار المصرية للحفاظ عليها.  

من منطقة حلمية الزيتون كانت بداية "كامل" أثناء حديثها لـ"الوطن"، متذكرة الطبيعة التي زيَّنت جنبات الطرق والهدوء السائد آنذاك، حيث نشأتها داخل منزل سكنت الورود والأشجار حديقته، تثير تغيرات ألوانها البراقة عيني تلك الطفلة الصغيرة، وينمو بداخلها حب الطبيعة الفاتنة.  

البستان الصغير لم يكن وحده المؤثر في إعداد الفتاة الصغيرة، فالعدد القليل من التلاميذ الذي احتواه أحد الفصول الدراسية لمدرسة الأميرة فريال أتاح الفرصة أمامها في استيعاب العلوم الطبيعية، غير أنها زاملت الكثير من بنات الطبقة الراقية، ومنهن الملكة نريمان قرينة الملك فاروق الأول "منزلها كان ملاصق لسور المدرسة، فلما الملك يروح يزورها كنا بنتشعبط في سور المدرسة عشان نشوفه".

"رب ضارة نافعة" ربما انطبق ذلك المثل حين أصرت الأسرة الصعيدية على مجيء "الولد"، الذي أشعل جذوة الحماس والمنافسة بداخل الفتاة التي جذبت أنظار أسرتها بذكائها وتفوقها الدراسي، إلى أن التحقت بكلية العلوم، مع اشتعال حبها بتفسير الغموض المحيط بالظواهر الطبيعية، ظلت محتفظة بهواياتها المتنوعة من ممارسة رياضة البنج بونج، وسماع الموسيقى على "الجرامافون".

أربعة أعوام من التفوق الدراسي قضتها الطالبة المجتهدة داخل أروقة كلية العلوم، حصدت ثمرتها بالعمل في المركز القومي للبحوث، لتبدأ مسيرتها المهنية على يد الدكتور "ماخو" مؤسس قسم الكيمياء الكهربية بالمركز، والذي كان بمثابة الأب الروحي لها، وعلى يديه تعلقت بدراسة كل ما يتعلق بعلم المعادن، خاصة ما يتعلق بالذهب والفضة، وقدمت الكثير من الرسائل والأبحاث العلمية، على رأسهما رسالتها في فلز "التيتانيوم" وحصلت من ورائه على براءة الاختراع. 

الانشغال الذي أحاط بالباحثة العشرينية داخل مركز البحوث، لم يمنعها من ارتباطها بموعد آخر مع فارس الأحلام سافرت معه إلى أمريكا، وبجوار وليفها، والذي كان أستاذها بالكلية، استكملت دراستها العلمية، إلى أن عادت إلى موطنها مرة أخرى وحصلت على درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة، واستأنفت من جديد عملها داخل المركز القومي للبحوث، اعتبرت أول سيدة تقتحم مجال علم المعادن "مكنتش بشوف إنها حاجة محرجة لما كنت بروح المعامل وكنت السيدة الوحيدة وسط رجال كثيرة".

من مقر العمل إلى منزلها الصغير، حملت "فينيس" قيمة احترام الوقت لتصبح سمتها الأساسية التي ترافقها في أدق تفاصيل حياتها، حيث اختارت منزلا مجاورا لمكان عملها حتى لا تهدر الكثير من الوقت في الانتقال والمواصلات، وتحرص على حضور التدريبات الخاصة بطفلتيها في النادي في الموعد المحدد، وتخصص وقتا لشراء الكتب الأجنبية برفقتيهما.

رفيق حياتها الزوجية والعملية آن أوان رحيله، ليتركها بمفردها في منتصف الطريق، وتتحمل تربية ابنتيها التي جعلتها في البداية ترفض سفرها للكويت إلى أن وافقت وأخذت ابنتها الصغرى معها، وتُفتح أمامها أبواب المعرفة التي أصقلت من خبرتها بالبحث العملي، وحصلت على جائزة الكويت للتقدم العلمي، حتى إن دقت حرب الخليج أبوابها وعادت إلى مصر.  

"رئيس شعبة الكيمياء غير العضوية" المنصب الذي كان في انتظارها حينما عادت إلى عملها بالمركز القومي للبحوث، بجانب اختيارها من ضمن عشر سيدات من منظمة العالم الثالث للمرأة في العلوم على مستوى الدول النامية.

حركة غريبة سارت في أرجاء المركز بعد عودتها من أحدى المؤتمرات العلمية بأمريكا، تجسدت في مطالبتها بتقديم سيرتها الذاتية، أيام قلائل لم تجد خلالهما تفسيرا، إلى أنها تلقت اتصالا من سكرتارية رئيس الوزراء آنذاك عاطف صدقي ليطلب رؤيتها.

حيرة شديدة انتابتها لتتحدث مع شقيقها عما يجب أن تفعله "جابلي عربيته والسواق بتاعه عشان أروح أقابل رئيس الوزراء"، تلقت "كامل" خبر توليها حقيبة وزارة البحث العلمي من رئيس الوزراء بترحاب شديد، فالطمأنينة وخفة الدم التي تلقتهما خلال لقائها برئيس الوزراء أعطتها شعورا بالأمان "سألني إذا كنت هنزل اشتري لبس جديد عشان أحلف اليمين، وقولتله إني لسه راجعة من أمريكا واشتريت لبس من هناك، وكنت حاسة إني في إيد أمينة".

أول امرأة تتولى منصب وزيرة البحث العلمي، هكذا كانت فينيس كامل طيلة أربعة سنوات قضتها على عرش الحقيبة حاولت تقديم ما يخدم البحث العلمي، من وضع الاستراتيجية للهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية، غير أنها أول من فكرت في إنشاء المتحف القومي للعلوم والتكنولوجيا ويعتبر من أكبر المتاحف العلمية.