ملامح أربعينية وشعر أسود يزين رأسها، ونبرة هادئة تمتزج بقوة امرأة حطمت إحدى سياج العادات المجتمعية، فسارت على خطى والدها بعدما خلف ورائه إحدى الشركات الكبرى المحفورة بوجدان أجيال كثيرة، وتنجح في زيادة الوصال بين منتجات 5 خمسات التي ما تزال تزين أرفف الصيدليات ومن اعتادوا استخدامها منذ سنوات، نيفين أنطوان، استطاعت بمساعدة أشقائها أن تستمر شركة والدها 5 خمسات في الأسواق المصرية. 

من داخل كلية الصيدلة كانت الفرصة التي منحت الفتاة الجامعية آنذاك أن تخطو شركة والدها وتطبيق ما درسته بين أرجائها، لكن القدر لم يشأ أن تطول فترة تدريبها على يده، فمع انتهاء دراستها الجامعية غيبه الموت عنها، وترسخ في ذهنها مبادئ غرسها تمثلت في معاملة طيبة مع العاملين، والتطوير المستمر في الأبحاث العملية، لكن المساواة بينها وبين شقيقها الأصغر كان الإرث الذي سمح لها تولي إدارة الشركة سويا دون تفرقه، "مكنش بيفرق بين ولد وبينت" بحسب حديثها لـ"الوطن".   

استرجعت المرأة الأربعينية ذاكرتها إلى عام 1969 متحدثة عن القوة التي اتسم بها والدها الصيدلي الذي امتلك عدة مخازن للأدوية لتشملها دائرة التأميم في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، إرادة قوية أحيت بداخله ليخوض تجربة جديدة، بدأها من بودرة التلك الذي جلبها من محاجر أسوان المميزة بالنعومة والجودة العالية، وفي منطقة رمسيس كانت البداية الأولى للشركة التي قرر أن يثبت اسمها في أذهان الجميع منذ الاستماع إليه للمرة الأولى فوجد من 5 خمسات ما أراده.  

"أكسب قليل.. تبيع كتير.. تكسب أكتر" مبدأ سار عليه أنطوان مع المنتجات التي كان يبيعها بسعر قليل ذات جودة عالية حتى وصلت منتجاته إلى مختلف فئات المجتمع، ليدخل بنوع آخر من إحدى المنتجات التي ارتبطت رائحتها بذكريات لن تمحى من الذاكرة "كولونيا 5 خمسات"، فيسافر إلى فرنسا ويختار أجود العطور ويستوردها مستخلصا منها هذه الكولونيا، سلسلة قصيرة من منتجات التجميل قدمها أنطوان منذ سنوات مضت، لتقدم ابنته من ورائه الجديد.

وعلى أرض مدينة العبور، افتتح فرع جديد للشركة وبتجهيزات حديثة ومعامل متطورة استطاعت نيفين بمساعدة أشقائها استكمال مسيرة والدهم "كان ديما بيقولنا دي رسالة وأنتم بتكملوا فيها"، لتخرج 5 خمسات بمنتجات الأطفال بداية من الشامبو المخصص لهم وحتى كريمات البشرة.

سنوات كثيرة مرت على وجود الشركة بين الأسواق المصرية "المنتج الجيد بيثبت نفسه ويتطور"، رغم عدم ظهور الإعلانات عن الشركة على شاشات التلفزيون "بنحط الفلوس في تطوير المنتجات أفضل من الدعاية"، النهج الذي سارت عليه لتزيد من جودة المنتج وتجنى ثمار خطتها بتصدير المنتجات للخارج.

شعور نيفين تجاه الشركة التي كبرت بين أرجائها جعلها تكتسب مكانة الأبنة الأولى لديها، مستخدمة جميع منتجاتها رافضة الشراء من أي علامة تجارية أخرى "زي الأكل البيتي بالنسبالي".  

معوقات كثيرة تقابلها المديرة الأربعينية في تطوير المنتجات منها غلاء الأسعار، والإجراءات الطويلة التي تقابلها عند تسجيل المنتجات الجديدة لدى وزارة الصحة، "بناخد وقت طويل جدًا عشان يوافقوا على أي تغير في الشكل أو تسجيل المنتج".  

منافسة شرسة تدخلها 5 خمسات مع الشركات الأخرى تحاول نيفين التغلب عليها بعدة عوامل منها دراسة المنتجات الأخرى لمعرفة المزايا والإمكانيات الأحدث منها وتقديم ما يفوق عليها منها تقديم أشكال مختلفة لزجاجات لبن الأطفال "ببرونة" وحنة الشعر بألوانها المختلفة "ولسة هنقدم منتجات جديدة في الفترة القادمة".

صوت ممتلئ بالحزن والاشتياق على رحيل والدها مؤسس شركة خمس خمسات الذي تفتقد لوجوده بينهم ليضيف بذكائه ما يزيد من نجاحهم "كان عنده كاريزما، ولو كان استمر معانا كنا اتطورنا أكتر من كدا".