صراخ وبكاء وموت يدخل منزلها دون استئذان آخذا معه رب البيت، تاركا ثلاثة أبناء في المرحلة الجامعية بلا مصدر رزق أو معاش يكفلهم، لتدخل مي محمد مطبخها الصغير، وتبدأ في إعداد ما لذ وطاب من الطعام للأهل والأصدقاء المقربين لإعانة عائلتها على المعيشة.

بدأت الأم المثابرة مشروعها، منذ 3 سنوات، على نطاق ضيق للغاية حتى قررت التوسع وإنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بعنوان "ست البيت للأكل البيتي"، ذلك الاسم الذي كان بوابة خير ورزق، فسجل أكثر من 7000 شخص إعجابهم بما تقدمه، وتحدثوا عنها لأقاربهم وجيرانهم مانحيها كل الثقة لإعداد طعام العزومات والحفلات الخاصة بهم.

شعور بالمساندة والدعم قدمه إليها ابنائها وروته مي محمد لـ"هن"، فاستقل ابنها سيارته لتوصيل الطلبات للمنازل في دقائق معدودة، ووقفت ابنتها إلى جوارها لتجهيز الطعام في المطبخ وتغليفه جيدًا.

عملت المرأة الخمسينية بوظيفة مدرس فور تخرجها من كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية، إلا إنها شعرت بشيء من الخجل منعها من التقديم في الوظيفة ذاتها بعد وفاة زوجها نظرًا لتقدم العمر، ورغبة في استغلال موهبتها في الطبخ، وضمانًا لنجاح مشروعها.

وجبات رمضانية تنتظر أن تقدمها بيديها بعد أيام قليلة، تشمل وجبات إفطار وسحور خيرية من زبائنها للفقراء، فتقلل الأسعار طواعية للمشاركة في تلك الأعمال معتبرة ذلك "زكاة عمل".

ارتفعت الأسعار خلال السنوات السابقة مرتين تقريبًا الأمر الذي أثر على عملها بشكل كبير واصفة "غلاء الأسعار فرق جدًا معايا، لأنها زادت الضعف، وبالتالي الشغل قل للنص".