رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

رسالة بالهيروغليفية وعبارة حب.. أغلى هدايا الطلاب لأستاذتهم "راوية"

كتب: ياسمين الصاوي -

12:17 م | الثلاثاء 21 مارس 2017

صورة أرشيفية

تقف داخل فصل دراسي صغير بمدرسة "عثمان بن عفان" بحي حلوان تُلقن التلاميذ دروسا في العلم والخُلق، تمسك "الطباشير" لتنقش حروفا، ثم تجلس وسط الطلبة تسدِ إليهم النصح والإرشاد، وفي نهاية كل عام، تنظر راوية عبدالفتاح معلمة اللغة العربية بعينيها إلى باب المدرسة مودعة أجيال، ومنتظرة أجيال جدد.

"المعلمة أم ثانية إن لم تكن أمًا أولى"، ذلك ما قالته هذه المرأة المثابرة التي ترى أن المدرّسة قدوة للطلبة في الكلام والحركات والأفعال، فكل نظرة وكلمة تصدر منها بمثابة طريق تتبعه أجيال لاحقة، ويتجلى دورها كأم، عندما تحنو عليهم وتحاول مشاركتهم وحل مشاكلهم، خاصة إن كانوا يعانون من حالات التفكك الأسري وغياب الوالدين، فضلا عن دورها في المنزل كأم لولدين في المرحلة الجامعية، وفتاة في الصف الثالث الابتدائي، والذين يحتاجوا منها كل الرعاية والاهتمام.

يدق جرس هاتفها لتسمع أصوات طلابها الملتحقين حاليا بكليات الطب والهندسة وغيرها، يسألون عن حالها ويقدمون إليها كل الحب والاحترام والشكر، بعد أن خرجوا وخرج معهم أولياء أمورهم من بين جدران فصلها الصغير حاملين معهم الكثير من القيم الأخلاقية والعرفان بالجميل، "ممكن الولاد ينسوا اللي درسوه، لكن صعب جدا ينسوا اللي درستلهم."

تحكي راوية أحد المواقف التي حدثت لها منذ أيام قليلة مع طلابها الذين شعروا بالخوف من تناول الوجبة المدرسية بعد حوادث التسمم الأخيرة المذاعة عبر وسائل الإعلام المختلفة، فتناولت شيئا من ذلك الطعام أمام الجميع حتى شعروا بالأمان، وفتحوا وجباتهم المدرسية، وتناولوها كاملة، مشيرة إلى احتياج الطالب إلى الأمان والثقة من معلمته.

مواقف ومشاعر وقيم تركها أساتذتها في نفسها منذ 35 عاما، فعندما كانت هذه المعلمة في سنواتها الأبتدائية الأولى، طلبت إحدى المدرسات من طلاب فصلها إحضار بعض الهدايا لأمهاتهم، بينما عجزت هي عن فعل ذلك لعدم إدخارها شيئا، ولو قليل، من مصروفها اليومي، فأحضرت أحد الأشياء الموجودة في المنزل لعرضها على أستاذتها التي كشفت الأمر، ونصحتها ألا تلجأ إلى الكذب والشعور بالحرج، يكفي أن توجه إلى والدتها عبارة "كل سنة وانتِ طيبة يا أمي".

وعن هدايا عيد الأم المقدمة إلى المعلمات في هذا اليوم، تحرص راوية كل عام على منع هذا الأمر تماما، إلا أن بعض الطلبة يصرون على إحضار هدايا رمزية، في حين ترفض استقبال أي هدية باهظة الثمن باعتبار أن كل ما يمكن للطالب جمعه من مصروفه لن يتعدى الجنيهات، وتسعد بكل هدية معنوية بسيطة، فما زالت تحتفظ بخطاب مكتوب باللغة الهيروغليفية قدمته إليها إحدى طالبات الصف الرابع الإبتدائي بعد دراستها هذه اللغة في مادة الدراسات الاجتماعية، إضافة إلى عبارة "ممكن أقولك يا أمي؟" التي وجهها إليها أحد طلابها وتركت أثرا عميقا في نفسها يفوق مئات الهدايا الثمينة.

ومع حلول عيد الأم، تذكرت راوية والدتها التي كانت دائما ما ترتمي مقبلة قدميها، والآن تجد ابنها يفعل معها الشيء نفسه، فتحن إلى والدتها، وتضمه إليها وتبكي.